يُشْرِكُونَ)(١). قيل : وتخصيص لفظ المتعال لمبالغة ذلك منه لا على سبيل التكلّف (٢) ، والأعلى الأشرف ، ومنه قوله تعالى : (رَبِّكَ الْأَعْلَى)(٣).
والاستعلاء قد يكون طلب العلوّ المذموم ، وقد يكون طلب العلاء وهي الرفعة. فقوله : (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى)(٤) يحتمل الأمرين جميعا. وقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) أي أعلى من أن يقاس به أو يعتبر بغيره. قوله : (تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى)(٥) جمع عليا تأنيث أعلى أفعل تفضيل. والمعنى هنّ الأشرف والأفضل بالنسبة إلى هذا العالم.
قوله : (عالِيَهُمْ ثِيابُ)(٦). يجوز أن يكون ظرفا وأن يكون وصفا ، ونصبه على الحال وما بعده مرفوع به ، ولذلك موضع حقّقناه فيه. وقرىء عليهم (٧) جار ومجرور ، وكلا المعنيين متقارب. قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ)(٨) قيل : هو موضع في أعلى الجنة وهو اسم علم لذلك المكان كمكة ، وجمع جمع العقلاء ، وهو اسم أشرف الجنان كما أنّ سجّينها اسم شرّ النيران. وقيل : بل ذلك في الحقيقة اسم سكّانها. قال الراغب (٩) : وهذا أقرب في العربية ؛ إذا كان هذا الجمع يختصّ بالناطقين. قال : والواحد علّيّ نحو بطّيخ. ومعناه أنّ الأبرار في جملة هؤلاء فيكون ذلك كقوله : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ)(١٠). وباعتبار العلوّ قيل للمكان الشّرف والمشرف العلياء. وقال مجاهد :
__________________
(١) ٦٣ / النمل : ٢٧.
(٢) في الأصل : التكليف. يقصد التكلف الذي يكون من البشر.
(٣) ١ / الأعلى : ٨٧.
(٤) ٦٤ / طه : ٢٠.
(٥) ٤ / طه : ٢٠.
(٦) ٢١ / الإنسان : ٧٦.
(٧) عاليهم : فوقهم (القرطبي : ١٩ / ١٤٦) ، وتكون بهذه الحال منصوبة على الظرف. ويقول الفراء : قرأها أهل الحجاز «عاليهم» (معاني القرآن : ٣ / ٢١٨ ، وفيه تفصيل حسن). ويذكر ابن خالويه قراءة «عليهم» ـ بضم الهاء ـ وهي قراءة مجاهد وابن سيرين ، و «عاليتهن» قراءة ابن مسعود (مختصر الشواذ : ١٦٦).
(٨) ١٨ / المطففين : ٨٣.
(٩) المفردات : ٣٤٦.
(١٠) ٦٩ / النساء : ٤.