(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى)(١)(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ)(٢) فذكر الأول (وَأَعْطى قَلِيلاً)(٣) فذكر الثاني. وأولهما هو فاعل في المعنى ثم وجب ، أعطيت الدرهم صاحبه ، وامتنع صاحبه الدرهم. ولهذا كان قوله تعالى : (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ)(٤) أي أمكنه من تناول ما يصلحه. وقالت عائشة رضي الله عنها تصف أباها : «أبي والله لا تعطوه الأيدي» (٥) أي لا تبلغه فتتناوله. ومن أمثالهم : «عاط بغير أنواط» (٦) يضرب لمن لا جدوى لعمله ، شبه بمن يريد أن يتناول شيئا من غير معلّقه. وغلب الإعطاء في الصلة : (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ)(٧).
وأعطى البعير : انقاد ؛ كأنه ناول رأسه قائده. وظبي عطو وعاط : رفع رأسه ليتناول أوراق الشجر. وقياس مصدر أعطى إعطاء ، وعطاء اسم مصدره ويعمل عمله وأنشد (٨) : [من الوافر]
أكفرا بعد ردّ الموت عني |
|
وبعد عطائك المئة الرّتاعا؟ |
__________________
(١) ٥ / الليل : ٩٢.
(٢) ٥ / الضحى : ٩٣.
(٣) ٣٤ / النجم : ٥٣.
(٤) ٥٠ / طه : ٢٠.
(٥) النهاية : ٣ / ٢٥٩.
(٦) مجمع الأمثال : ٢ / ٢٤. الأنواط : ج نوط وهو كل شيء معلق.
(٧) ٥٨ / التوبة : ٩.
(٨) البيت للقطامي ـ اللسان مادة عطا. وهو من شواهد النحويين (أوضح المسالك : ٢ / ٢٤٣).