والاعتصام : الامتساك بالشيء. والاستعصام : الاستسماك. قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) أي امتسكوا به. قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ)(١) أي يتمسك ويمتنع. قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ)(٢) أي امتسكوا وامتنعوا. قوله : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)(٣) أي لا مانع من أمره وما أراده من غرق قوم نوح. قيل : عاصم هنا بمعنى معصوم كقوله : (ماءٍ دافِقٍ)(٤) و (عِيشَةٍ راضِيَةٍ)(٥). وكان الذي أحوج إلى هذا استثناء قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) منه على تقدير الاتصال وليس ذلك بلازم لما سيأتي. قال الراغب (٦) : ومن قال : لا معصوم فليس يعني أنّ العاصم بمعنى المعصوم وإنّما ذلك تنبيه على المعنى المقصود بذلك ، وذلك أنّ العاصم والمعصوم يتلازمان فأيّهما حصل حصل معه الآخر. وقال ابن كيسان : لما نفي العاصم صار بمعنى المعصوم ، وصار (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) مستثنى من المعصومين الذين دلّ عليهم الفاعل لأنه جواب من قال : من يعصمني من أمر الله؟. والجواب السديد أنّ عاصما على معنى ذي عصمة ؛ ففاعل للنسب كلابن ورامح ونابل ، وحينئذ فالاستثناء متصل واضح.
قوله : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ)(٧) أي بعقد نكاحهنّ. وقال ابن عرفة : العصمة : العقد. والعصمة : المتعة أيضا ، ومنه قيل للبذرقة (٨) عصمة. ومنه قول أبي طالب يمدح النبيّ صلىاللهعليهوسلم (٩) : [من الطويل]
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
__________________
(١) ١٠١ / آل عمران : ٣.
(٢) ٧٨ / الحج : ٢٢.
(٣) ٤٣ / هود : ١١.
(٤) ٦ / الطارق : ٨٦.
(٥) ٢١ / الحاقة : ٦٩ ، وغيرها.
(٦) المفردات : ٣٣٧.
(٧) ١٠ / الممتحنة : ٦٠. الكوافر : النساء الكفرة.
(٨) وفي ح : للبرقة. البذرقة (فارسية) : الخفارة. وقال الهروي في كتابه الغريبين : إن البذرقة يقال لها عصمة ، أي يعتصم بها ، وذلك في فصل «عصم».
(٩) العجز مذكور في النهاية : ٣ / ٢٤٩.