الطريقي المأخوذ في الموضوع من الوضوح بمكان.
وما ذكرنا هو الّذي يستفاد من بعض أدلّة حجّيّة الأمارات ، كقوله عليهالسلام : «ما أدّياه عنّي فعنّي يؤدّيان (١)» إذ ليس المراد منه تنزيل المؤدّى منزلة قوله عليهالسلام ، بل ظاهره تنزيل التأدية والإخبار من الراوي بمنزلة تأدية الإمام عليهالسلام ، وإخباره ، بمعنى أنّ قول الإمام عليهالسلام كما أنّه يفيد العلم ويحرز به الواقع كذلك قول العدل وإخباره يحرز به الواقع ويفيد العلم ، فالإمام عليهالسلام جعل ما ليس له انكشاف ولا يكون فيه إحراز انكشافا ومحرزا للواقع.
والحاصل : أنّ الالتزام بما ذكرنا ـ من مجعوليّة العلم والانكشاف في باب الأمارات ـ لازم في مقام الثبوت والإثبات ، ومن هذه الجهة تقدّم الأمارات على الأصول ، فإنّ الأمارة بعد حكم الشارع بأنّها محرزة للواقع تعبّدا ترتفع موضوع الاستصحاب الّذي أخذ فيه الشكّ ولم يكن المكلّف بعد شاكّا بل كان محرزا للواقع إحرازا تعبّديّا ، وهكذا ترتفع موضوع الأصول غير المحرزة ، فإنّ موضوعها عدم البيان ، وقد تمّ البيان بواسطة الأمارة التي هي علم تعبّديّ ، ولولاه لأشكل الأمر في تقديم الأمارات على الأصول ، إذ لو كان المجعول هو المنجّزيّة والمعذّريّة فتشترك الأصول مع الأمارات في ذلك ، فلما ذا تقدّم الأمارة على الأصل مع أنّه أيضا منجّزا أو معذّر ، كالأمارة؟ ولما ذا لا يعكس الأمر؟ وتفصيل الكلام في محلّه.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا : أنّ المجعول في باب الأمارات هو العلم والإحراز والانكشاف والوسطيّة في الإثبات والطريقيّة ، بأيّ اسم شئت عبّرت.
ويترتّب على ذلك أمران :
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٣٠ ـ ١ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.