صاحب الدرهم (١) ، فإنّه يمكن تطبيقها على هذه القاعدة ـ تقتضي إتلاف أقلّهما ضررا وتخسير مالك الآخر نصف هذا الضرر ، فإنّ حفظ مال كلّ منهما عن الإتلاف يتوقّف على إتلاف مقدار من ماله بماليّته لا شخصه ، فيجب على الحاكم حسبة ـ على تقدير كون المالكين حاضرين ـ أو ولاية ـ على تقدير كونهما غائبين ـ حفظ المالين عن الإتلاف بالكلّيّة ، ورفع النزاع من البين بإتلاف بعض مال من كلّ منهما ، المتحقّق من توزيع ما يتلفه من القدر ـ مثلا ـ في المثال إلى المالكين.
وإن شئت قلت : إنّ حفظ ماليّة كلّ من المالين يتوقّف على التخليص ، وبالتخليص يتحقّق ضرر في الخارج لا محالة ، ونسبة هذا الضرر إلى كلّ منهما على حدّ سواء ، فتوجيهه إلى أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فيجب أن يوجّه إليهما معا بالسويّة.
وأمّا المسألة الثانية : فمثالها ما إذا أراد مالك الدار حفر بئر أو بالوعة يضرّ بالجار. وهو يتصوّر على صور أربع ، فإنّ المالك إمّا أن يتضرّر بترك الحفر أو أنّه يفوته نفع فقط أو أنّه لا يتضرّر بالترك ولا ينفع بالفعل ، وعليه إمّا أنّ يفعل عبثا أو يفعل إضرارا بالجار.
ثمّ إنّ المشهور ـ على ما نسب إليهم الشيخ (٢) قدسسره في رسالته الضرريّة ـ ذهبوا إلى جواز الحفر في الصورتين الأوّليين ، وعدم ضمان مالك الدار ما يخسره الجار ، وإلى عدم جوازه في الأخريين ، وضمانه له على تقدير فعله.
ووجه ذلك في الصورتين الأخيرتين واضح ، لشمول دليل «لا ضرر»
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٢٢ ـ ٥٩ ، التهذيب ٦ : ٢٠٨ ـ ٤٨١ و ٢٩٢ ـ ٨٠٩ ، الوسائل ١٨ : ٤٥٠ ، الباب ٩ من أبواب كتاب الصلح ، الحديث ١.
(٢) رسالة في قاعدة نفي الضرر (المطبوعة مع المكاسب) : ٣٧٥.