حيث السند والدلالة ، ولا يعارضها ما ورد في المفقود من أنّه تصبر امرأته حتى يأتيها يقين موته أو طلاقه (١) ، وفي زوجة لا يأتيها زوجها من أنّ هذه امرأة ابتليت فلتصبر (٢) ، فإنّ الحكم بالصبر في هاتين الروايتين من جهة غيبة الزوج والشكّ في موته في الأولى ، ومن جهة عدم إتيان الزوج ، لا من جهة ترك إنفاق الزوج حتى يعارض تلك الروايات.
الأمر السادس : في تعارض الضررين على شخص واحد أو شخصين.
أمّا الأوّل : فعلى ما اخترناه من عدم حرمة الإضرار بالنفس إلّا في بعض الموارد : فلا شبهة في جواز اختيار أي منهما ، وعلى القول بالحرمة لا ريب في وجوب اختيار أقلّهما ضررا ، فإنّ مقتضى الامتنان رفع الضرر الأعظم فيما إذا توجّه على شخص واحد ضرران.
وأمّا الثاني : فكما إذا كان المالك محتاجا إلى حفر بالوعة في داره بحيث لو لم يحفر يتضرّر وتخرب داره ، ولو حفر يوجب ضرر جاره. وهذه المسألة ـ كما اعترفت بها شيخنا الأنصاري وشيخنا الأستاذ قدسسرهما ـ غير منقّحة في كلماتهم (٣).
وتنقيح البحث فيه بمقدار يمكننا أنّه قد عرفت أنّ مفاد دليل «لا ضرر» هو عدم مجعوليّة الحكم الضرريّ في الشريعة لا عدم الضرر الخارجي ونفيه بحيث لو تضرّر أحد في تجارته مثلا يتدارك ضرره من بيت المال أو يدفع
__________________
(١) الكافي ٦ : ١٤٨ ـ ٤ ، التهذيب ٧ : ٤٧٨ ـ ١٩٢١ و ٤٧٩ ـ ١٩٢٣ ، الوسائل ٢٠ : ٥٠٦ ، الباب ٤٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ١ و ٢.
(٢) المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ ٢ : ٣٦٥ ، مستدرك الوسائل ١٥ : ٣٣٧ ، الباب ١٨ من أبواب أقسام الطلاق ، الحديث ٧.
(٣) رسالة في قاعدة نفي الضرر (المطبوعة مع المكاسب) : ٣٧٤ ، قاعدة لا ضرر (المطبوعة مع منية الطالب) : ٢٢٣.