الكلّي ذي الأفراد يصدق أنّ الحكم الثابت على الفرد الميسور لا يسقط بواسطة سقوطه عن الفرد المعسور ، بل هذا المعنى ارتكازي لكلّ عاقل ، وأمّا في المركّب ذي الأجزاء إذا تعذّر جزء منه لم يثبت وجوب لما عدا المتعذّر حتى يقال : إنّه ميسور ولا يسقط وجوبه الثابت له بسقوط الوجوب عن المجموع المعسور ، بل وجوبه أوّل الكلام ، ونحن نريد إثباته بالقاعدة ، ووجوبه الثابت له قبل التعذّر كان ضمنيّا وسقط بالتعذّر قطعا.
فالإنصاف أنّ هذه الرواية أيضا لا دلالة لها على وجوب ما عدا المتعذّر من أجزاء المركّب ، بل هو إرشاد إلى ما ارتكز في الأذهان من عدم سقوط حكم بعض أفراد الكلّي بسبب سقوطه عن بعضها الآخر.
فاتّضح أنّ شيئا من الروايات الثلاث لا يدلّ على المطلوب ، بل مقتضى القاعدة فيما إذا تعذّر جزء أو شرط من الواجب هو : البراءة عن التكليف بالباقي ، فإنّه مشكوك فيه إلّا في الصلاة ، لورود الدليل الخاصّ ، وإلّا إذا كان المتعذّر يسيرا بحيث يعدّ الوجوب المتعلّق به على تقدير ثبوته بقاء للوجوب السابق المتيقّن المتعلّق بالمركّب ، فإنّه يجري فيه الاستصحاب ، ويحكم بوجوب الباقي به بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة ، ولنا كلام في ذلك سيجيء إن شاء الله.
الأمر الثالث : إذا دار الأمر بين شرطيّة شيء أو جزئيّته ومانعيّته أو قاطعيّته ، وبعبارة أخرى : إذا علم إجمالا باعتبار شيء في الواجب وجودا أو عدما ، فإمّا أن يكون ذلك في واقعة واحدة ، كما إذا نذر صوم يوم معيّن وشكّ في قاطعيّة شيء للصوم وشرطيّته مثلا أو يكون في وقائع متعدّدة ، كما في صوم شهر رمضان ، أو يكون في مثل ما يكون له أفراد طوليّة وعرضيّة ، كالصلاة الواجبة فيما بين الحدّين : الزوال والغروب ، فهنا مسائل ثلاث :