مفهوم الآية لا بدّ من طرحه ، لأنّه مستلزم لتخصيص المورد ، لأنّ مورد الآية إنّما هو إخبار الوليد عن ارتداد بني المصطلق ، ومن المعلوم أنّه لا يكفي في الإخبار عن الارتداد إخبار عادل واحد ، بل لا بدّ من البيّنة خصوصا في مثل المقام الّذي هو إخبار عن ارتداد طائفة ، لأنّه تترتّب على العمل به ـ على تقدير كذبه ـ مفاسد لا تحصى من القتل والنهب وغيرهما ، وحيث إنّ الالتزام بالمفهوم يستلزم إخراج المورد وهو مستهجن ، فلا يكون حجّة (١).
وقد أجاب عنه ـ قدسسره ـ بما توضيحه : أنّ المراد بالفاسق في المنطوق ليس هو الكثرة حتى تدلّ على الوحدة ، فيكون مفهوم الآية حجّيّة خبر العادل الواحد ، بل المراد هو الجنس ، فيكون المفهوم حجّيّة خبر جنس العادل واحدا كان أو متعدّدا ، سواء في الموضوعات الخارجيّة أو غيرها ، وسواء كان إخبارا عن الارتداد أو لا ، غاية الأمر أنّ إطلاقه غير معمول به في مثل المورد ، فلا بدّ من تقييده بمقتضى الأدلّة الخارجيّة الدالّة على اعتبار البيّنة في أمثاله ، ولا محذور فيه (٢).
وقد استشكل على هذا الجواب بعض بأنّ المراد بالتبيّن إمّا أن يكون هو العلم الوجداني أو مطلق الوثوق ، فعلى الأوّل لا مفهوم للآية ، لما ذكرنا من أنّ وجوب العمل على طبق القطع حكم عقليّ ، فحكم الشارع ليس إلّا إرشاديّا ، وعلى الثاني يلزم حجّيّة خبر الفاسق الموثوق به حتى في مورد الآية ، لئلا يلزم تخصيص المورد ، ومن الضروريّ أنّه لا يمكن العمل بخبر الفاسق في مثل المورد الّذي هو عبارة عن الارتداد حتى مع الوثوق أيضا مع ما فيه من التوالي الفاسدة على تقدير الكذب.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٧٦.
(٢) فرائد الأصول : ٧٦.