ذكرنا أنّ أمثاله كثيرة في الآيات والروايات ، كقوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)(١) و «لا عمل في الصلاة» والنفي في أمثال ذلك يتعلّق بأمر خارجي ، وليس له ضابط كلّي.
وهكذا لا شبهة في صحّة استعماله في مقام نفي فرديّة ما هو فرد لطبيعة واقعا ، تشريعا ، وبيان أنّه ليس مصداقا له ، لخصوصيّة فيه ، ولعلّ ذلك أغلب موارد استعماله ، وأمثلته في الروايات وغيرها كثيرة ، كقوله عليهالسلام : «لا ربا بين الوالد والولد» وقوله عليهالسلام : «لا غيبة لمن ألقى جلباب الحياء» (٢) وقوله عليهالسلام : «لا صدقة وذو رحم محتاج» (٣) و «لا شكّ لكثير الشكّ» وغير ذلك ممّا نفى فرديّة فرد لطبيعة في الخارج ، لمكان خصوصيّة موجودة فيه ، كخصوصيّة كون الرّبا بين الوالد والولد ، وخصوصيّة كون المغتاب ـ اسم مفعول ـ ملقيا لجلباب الحياء ، وخصوصيّة كون المتصدّق على الغير وله ذو رحم محتاج ، وخصوصيّة كون الشاكّ كثير الشكّ ، الموجبة لسلب الشارع صدق الرّبا والغيبة والصدقة والشكّ عن الفرد المتخصّص بها ، المستلزم لسلب حكمه من الحرمة كما في الأوّلين ، والمحبوبيّة في الثالث ، والبطلان أو لزوم البقاء على الأكثر في الأخير ، والوجوب أو الاستحباب ، كما في «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» وهذا القسم أيضا لا ضابطة له ، ويتعلّق النفي بأمر خارجي.
وهنا معنى آخر ربّما تستعمل أمثال هذه التراكيب فيه ، وهو نفي الشيء في الشريعة والدين إمّا من جهة كونه مشروعا في الشرائع السابقة فينتفي في مقام
__________________
(١) البقرة : ١٩٧.
(٢) الاختصاص : ٢٤٢ ، وعنه في البحار ٧٢ : ٢٦٠ ـ ٥٩.
(٣) الفقيه ٢ : ٣٨ ـ ١٦٦ ، و ٤ : ٢٦٧ ـ ٨٢٤ و ٢٧٣ ـ ٨٢٨ ، الوسائل ٩ : ٣٨٠ و ٣٨٤ و ٤١٢ ، الأبواب ٧ و ٨ و ٢٠ من أبواب الصدقة ، الأحاديث ٢ و ٤ و ٤.