والمقام من هذا القبيل ، فإنّ العلم الثاني ـ وهو العلم بنجاسة الملاقى أو الطرف ـ وإن كان متأخّرا عن العلم الأوّل ـ وهو العلم بنجاسة الملاقي أو الطرف الآخر ـ إلّا أنّ تقدّم معلومه عنه يوجب انحلال العلم الأوّل وانقلاب الشكّ في نجاسة الملاقي من الشكّ في الانطباق إلى الشكّ في أصل حدوث التكليف وتجدّد فرد آخر من النجس ، فلا يلزم الاجتناب عنه.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ وجوب الاجتناب عن الملاقي دون الملاقى بلا وجه ، بل إمّا يجب الاجتناب عن الملاقى والطرف والملاقي ، أو يجب الاجتناب عن الملاقى والطرف دون الملاقي.
المقام الثاني : في الأقل والأكثر الارتباطيّين ، ويقع البحث في مقامين :
الأوّل : في المركّب الخارجي وما يكون له أجزاء خارجيّة ، كالصلاة.
الثاني : في المركّب الانحلالي العقلي الّذي لا أجزاء خارجيّة له وإنّما العقل يحلّل ، فيقول : إنّ عتق مطلق الرقبة ـ الّذي هو بمنزلة الجنس ـ واجب قطعا ، والتقييد بخصوصية الإيمان ـ الّذي هو بمنزلة الفصل له ـ مشكوك الوجوب مثلا.
ثمّ إنّ البحث في المقام الأوّل أيضا يقع في جهتين :
الأولى : في جريان البراءة العقليّة وقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وعدمه.
الثانية : في جريان البراءة الشرعيّة من «رفع ما لا يعلمون» وغيره.
أمّا الجهة الأولى من المقام الأوّل : فقرّب شيخنا الأنصاري (١) ـ قدسسره ـ جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان بأنّ الأقلّ وما عدا السورة ـ مثلا ـ متيقّن الوجوب ، فإنّ الواجب الواقعي لو كان هو الأقلّ ، فوجوبه نفسيّ ، وإن كان
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٦٢ و ٢٧٢ ـ ٢٧٥.