المتعلّق بالأمر الثاني دون الأمر الأوّل المتعلّق بنفس العبادة (١) : فحيث إنّ الأمر الثاني المتكفّل لبيان اعتبار إتيان المأمور به بداعي أمره ليس له عين ولا أثر في الأخبار والآثار إلّا ما يستفاد من بعض (٢) الأخبار في باب الوضوء من أنّه إنّما جعل الطهور ليكون العبد طاهرا بين يدي المولى ، وليكن ذلك بنيّة صالحة ، ولا ريب في إمكان الاحتياط في المقام ، إذ الإتيان باحتمال كون الفعل مطلوبا للمولى وموجبا لرضاه لا شكّ أنّه إتيان بنيّة صالحة.
وبهذا الكلام ظهر ـ بناء على المسلك المختار من إمكان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر الأوّل أيضا ـ أنّ المعتبر على هذا ليس إلّا إضافة الفعل إلى الله تبارك وتعالى ، ومن المعلوم تحقّق هذا المعنى في المقام بالإتيان برجاء الأمر ، وأيّ إضافة أعلى من الإتيان بداعي احتمال المطلوبية ، بل هو من أرقى مراتب العبوديّة.
الأمر الثالث : أنّ أوامر الاحتياط ـ مثل «أخوك دينك فاحتط لدينك» (٣) وغير ذلك ـ هل تثبت استحباب الاحتياط؟ أو أنّها أوامر إرشاديّة ولا مولويّة فيها؟
أفاد شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ بأنّها يمكن كونها إرشاديّة ، لأنّها واقعة في مرحلة الامتثال وسلسلة معلولات الأحكام ، نظير أوامر الإطاعة ، كقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(٤) وما يكون كذلك لا يمكن أن يستتبع حكما
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٠٦.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٠٤ ، علل الشرائع : ٢٥٧ ، الوسائل ١ : ٣٦٧ ، الباب ١ من أبواب الوضوء ، الحديث ٩.
(٣) أمالي الطوسي : ١١٠ ـ ١٦٨ ، الوسائل ٢٧ : ١٦٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٦.
(٤) النساء : ٥٩.