بالاحتياط ، وعلى هذا يعارض بها أخبار الاحتياط ، كما تعارض بحديث الرفع.
وأمّا على قراءة «سعة» منوّنة بجعل «ما» في «ما لا يعلمون» زمانيّة لا موصولة ، فلا تقع المعارضة (١) بينها وبين أخبار الاحتياط ، لأنّ معناها حينئذ هو أنّ الناس في سعة الأحكام المجهولة لهم ما دام لم يحصل لهم العلم. وبعبارة أخرى : ما دام لم يرد بيان من الشارع ، فإذا حصل لهم العلم وورد البيان ، فليسوا في سعتها ، ومن المعلوم أنّ أخبار الاحتياط على تقدير تماميّة دلالتها بيان ويحصل منها العلم بالحكم ، فتكون حاكمة على هذه الرواية.
ولكنّ الظاهر (٢) أنّ لفظ «ما» الّذي وقع في حيّزها فعل المضارع لم يستعمل إلّا موصولة.
نعم ، إن وقعت بعدها «دام» أو «كان» تكون زمانيّة في الأوّل ، ويحتملها في الثاني.
ومنها : قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (١).
وقد ادّعى شيخنا الأنصاري ـ قدسسره ـ أنّه أظهر ما استدلّ به على البراءة من الروايات (٢).
__________________
(١) أقول : لا فرق بين القراءتين في تحقّق المعارضة بين هذه الرواية وأخبار الاحتياط. أمّا على الأولى : فواضح. وأمّا على الثانية : فهذه الرواية تدلّ على عدم وجوب الاحتياط ، وتلك الأخبار تدلّ على وجوب الاحتياط ، وليس هذا إلّا التعارض. (م).
(٢) أقول : ما أفاده صحيح ، لكن لفظ الحديث هكذا : «في سعة ما لم يعلموا» لا «ما لا يعلمون» راجع جامع أحاديث الشيعة ١ : ٣٢٦ ـ ٦ نقلا عن المستدرك.
ومعلوم أنّ «ما لم يعلموا» هو الماضي معنى ، فإذا كان بين الإضافة والتنوين فرق من حيث المعنى ، فتصير الرواية مجملة. (م).
(٣) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٧ ، الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٧.
(٤) فرائد الأصول : ١٩٩.