كلّ منهما مستقلّ في الداعويّة : أمر المولى ، وحفظ جاهه وشرفه عند الناس ، كان هذا العبد منقادا متقرّبا بترك القطع.
نعم ، لو كان الأمر الإلهي تبعا ، لم يكن متقرّبا به ، لعدم كونه بنيّة صالحة ، وهكذا لو كانت الضميمة خصوص الرياء ولو كانت تبعا ، وذلك بواسطة الروايات الخاصّة الدالّة عليه.
وبالجملة ، لا دليل على اعتبار القدرة العاديّة زائدة على القدرة العقليّة ، فما هو مقدور عقلا وغير مقدور عادة ، لخروجه عن محلّ الابتلاء إذا وقع طرفا للعلم الإجمالي بالتكليف ، لا يوجب عدم تنجيزه.
هذا كلّه في صورة العلم بمقدوريّة الخارج عن محلّ الابتلاء عقلا ، أمّا إذا شككنا في ذلك ـ كما هو الغالب ، ولذا تقلّ الثمرة بيننا فيما اخترناه من عدم تأثير الخروج عن محلّ الابتلاء في عدم تنجيز العلم الإجمالي إذا كان الخارج مقدورا عقلا وبين من ذهب إلى تأثير ذلك فيه إذا كان الخارج غير مقدور عادة ولو كان مقدورا عقلا ، وتنحصر في موارد العلم بمقدوريّة الخارج عن محلّ الابتلاء عقلا ـ فذهب شيخنا الأنصاري (١) ـ قدسسره ـ إلى التمسّك بالإطلاق ولزوم الاجتناب عن جميع الأطراف بمقتضى إطلاق دليل «لا تشرب الخمر» مثلا.
وأشكل عليه صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ بأنّ المقام ليس من موارد التمسّك بالإطلاق ، إذ الشكّ في حسن الإطلاق وقبحه ، ولا بدّ في التمسّك بالإطلاق من مفروغيّة إمكانه وحسنه (٢).
وأورد عليه شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ بأنّ الظواهر حجّة ما لم يقم دليل عقليّ أو نقليّ على خلافها ، ولا يعتنى بمجرّد احتمال كون إرادة الظاهر مستحيلة أو
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٥٢.
(٢) كفاية الأصول : ٤١٠.