يده ولسانه» (١) بل جواز الإضرار بالنفس في الجملة من بديهيّات الفقه ، وهل يلتزم أحد بحرمة الإضرار بالنفس بهبة جميع ماله لشخص ولو لم يتقرّب بذلك ، أو بسبب السفر للتجارة وتحمّل المشاقّ الكثيرة من العطش والجوع المفرطين؟ فعلى هذا ينتج ما ذكرنا التفصيل في الموارد المذكورة بين ما إذا كان الضرر ضررا يوجب الهلاك أو فقدان عضو من الأعضاء والقول بالبطلان وبين ما لا يصل إلى هذه المرتبة بل يوجب وجع العين أو شدّة الحمّى وبطء برء المرض وأمثال ذلك والقول بالصحّة ، لعدم الدليل على حرمة مثل هذه الأقسام من الضرر.
نعم ، في الفقه الرضوي (٢) ما يدلّ على ذلك ، وهكذا في رواية تحف العقول (٣) ، وهناك رواية أخرى رواها الشيخ في التهذيب (٤) وصاحب الوسائل في باب الأطعمة والأشربة من الوسائل (٥) ، ومضمونها قريبا «إنّ الله تعالى : حرّم الميتة والخمر ولحم الخنزير لعلمه بأنّ فيها ضررا» ولكن ذكرنا في بحث الفقه أنّ الفقه الرضوي لم يثبت كونه رواية فضلا عن كونه معتبرا ، ورواية تحف العقول أيضا ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها ، والرواية الأخيرة وإن كانت معتبرة (٦)
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٠ ـ ١٠ ، صحيح مسلم ١ : ٦٥ ـ ٤١ ، سنن الترمذي ٥ : ١٧ ـ ٢٦٢٧ ، سنن النسائي ٨ : ١٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٣٨٨ ـ ٢٧١٦ ، مسند أحمد ٢ : ٣٤٧ ـ ٦٤٧٩ ، سنن البيهقي ١٠ : ١٨٧ ، الفقيه ٤ : ٢٦٢.
(٢) الفقه المنسوب للإمام الرضاع : ٢٥٤.
(٣) انظر : تحف العقول : ٢٤٧.
(٤) التهذيب ٩ : ١٢٨ ـ ٥٥٣.
(٥) الوسائل ٢٤ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، الباب ١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، الحديث ١ نقلا عن الكافي [٦ : ٢٤٢ ـ ٢٤٣ (باب علل التحريم) الحديث ١] وغيره.
(٦) أقول : للرواية طرق أحسنها ما فيه مفضل بن عمر ، وهو لا يوجب اعتبار الرواية ، أمّا ـ