وبهذا ظهر الجواب عمّا أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء (١) ـ قدسسره ـ من الالتزام بالترتّب ، فإنّ لازمه أيضا تعدّد العقاب مضافا إلى أنّه خلاف ظواهر الأدلّة الدالّة على أنّ الواجب على كلّ مكلّف في اليوم والليلة خمس صلوات ، فإنّ مقتضاه وجوب ستّ صلوات في اليوم والليلة ، بل خلاف الإجماع. هذا.
وقد أجاب شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ عن هذا الوجه مع التزامه بالترتّب في غير المقام بوجوه أخر أيضا مضافة إلى ما ذكر :
أحدها : أنّ الالتزام بالترتّب لا يمكن في خصوص المقام لخصوصيّة فيه ، فإنّ الترتّب إنّما يعقل فيما إذا كان هناك تكليفان فعليّان لا يمكن للمكلّف امتثال كليهما في زمان واحد ، كالإزالة والصلاة ، فيصحّح بتقييد الأمر بالمهمّ بعصيان الأهمّ ، أمّا في المقام فلا يمكن أخذ عنوان العاصي للقصر في موضوع التكليف بالإتمام مثلا ، فإنّ العصيان في المقام كالنسيان في عدم إمكان أخذه في موضوع التكليف ، فكما أنّ الناسي لوجوب السورة بمجرّد التفاته إلى كونه ناسيا يخرج عن عنوان الناسي وينقلب الموضوع ، وبدون الالتفات لا يمكن تكليفه بشيء ، لعدم إمكان انبعاثه ، كذلك العاصي الجاهل لحكم القصر في المقام بمجرّد التفاته إلى كونه عاصيا لحكم القصر يخرج عن كونه جاهلا ، ويصير عالما ، وبدونه يستحيل تكليفه بوجوب التمام ، لعدم إمكان انبعاثه.
ثانيها : أنّ العصيان لا يتصوّر إلّا في الجزء الأخير من الوقت ، ففي غيره حيث لا يتصوّر العصيان لا يتصوّر الترتّب أيضا ، فهذا الوجه كسابقه مانع عن الالتزام بالترتب بحسب مقام الثبوت في خصوص المقام.
وثالثها : هو المانع في مقام الإثبات ، فإنّ الترتّب على تقدير إمكانه في
__________________
(١) كشف الغطاء : ٢٧.