ينحلّ بسبب الاضطرار إلى بعض الأطراف (١) ، لما ذكرنا من أنّ الشارع لا يرضى بإهمال تكاليفه الواقعيّة ، فعلى أيّ حال الاحتياط لازم ، غاية الأمر على هذا القول شرعيّ ، وملاك وجوبه هو القطع بعدم رضى الشارع بإهمال التكاليف ، وحيث انسدّ علينا باب العلم والعلمي إلى تكاليفه ، فلا بدّ له من جعل الاحتياط. وعلى القول بعدم الانحلال عقليّ ، وملاك لزومه هو إدراك العقل صحّة العقاب على مخالفة التكاليف المعلومة بالإجمال.
وأمّا المقدّمة الرابعة ـ وهي أنّ القرعة والاستخارة والتقليد والاحتياط والرجوع إلى الأصل باطلة ـ فهي مسلّمة بالنسبة إلى الثلاثة الأول ، ضرورة أنّ القرعة والاستخارة ليستا طريقين إلى الأحكام ، والتقليد هو رجوع الجاهل إلى العالم ، والقائل بالانسداد يرى الانفتاحي جاهلا ، فكيف يجوز له تقليده!؟
أمّا الرابع ـ وهو الاحتياط ـ فإن كان موجبا لاختلال النظام ، فكذلك ، وإلّا فإن كان موجبا للعسر والحرج ، فيختلف الحكم فيه باختلاف المبنى في تفسير «لا حرج في الدين» و «لا ضرر» وأمثالهما من التراكيب.
وتفصيله : أنّ الشيخ ـ قدسسره ـ ذهب في أمثال هذه التراكيب إلى أنّ مفادها نفي الحكم الناشئ منه الحرج (٢) ، فإذا كان وجوب الصوم موجبا للحرج ـ كما في شدّة الحرّ ـ فهو منفيّ بمقتضى دليل «لا حرج» لأنّ الحرج إنّما نشأ من قبل هذا الحكم ، إذ المكلّف في طريق امتثال مثل هذا الحكم يقع في الحرج الشديد.
وذهب صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ إلى أنّ مفادها نفي الحكم بلسان نفي الموضوع (٣) ، إذ ظاهرها نفي الموضوع الضرري ، ومن الواضح أنّه تكوينا غير
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.
(٢) فرائد الأصول : ٣١٤ ، رسالة قاعدة نفي الضرر (المطبوعة مع المكاسب) : ٣٧٢.
(٣) كفاية الأصول : ٣٥٨.