تكون ذمّته مشغولة بقضاء ورفع بالبراءة ، فلا مانع من اشتغاله بالتطوّع ، فظهر أنّ اشتراط هذا الشرط إمّا مستدرك لغو أو بلا وجه.
هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بالبراءة والاشتغال.
وبعد ذلك يقع الكلام في قاعدة لا ضرر ، التي هي قاعدة مهمّة فقهيّة ، كما يظهر ذلك من تضاعيف كلماتنا. وتنقيح البحث فيها يتمّ بذكر أمور :
الأوّل : أنّ هذا المضمون قد نقل عن الفريقين بطرق مختلفة. وحكى الشيخ ـ قدسسره ـ في الرسائل عن فخر الدين في الإيضاح في باب الرهن تواتر الأخبار عليه (١). ولكنّه ـ قدسسره ـ في رسالته المستقلّة التي صنّفها في قاعدة «لا ضرر» لم يسند هذه الدعوى إليه ، بل قال : حكي عنه ذلك ولم أجده في كتاب الرهن من الإيضاح (٢).
فلعلّه ـ قدسسره ـ راجع ثانيا فوجده وأسند إليه في الرسائل.
وكيف كان ، متن الحديث الشريف ورد على وجوه :
الأوّل : «لا ضرر ولا ضرار» بلا تذييل بذيل «في الإسلام» أو «على مؤمن» كما هو المشهور عند الفريقين (٣).
الثاني : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» كما حكي عن ابن الأثير في نهايته (٤). وعن التذكرة (٥) أنّه أرسله كذلك. وفي الوسائل في باب الميراث :
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣١٣ ، وانظر : إيضاح الفوائد ٢ : ٤٨.
(٢) رسالة في قاعدة نفي الضرر (المطبوعة مع المكاسب) : ٣٧٢.
(٣) الكافي ٥ : ٢٩٢ ـ ٢ و ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ـ ٦ ، الفقيه ٣ : ١٤٧ ـ ٦٤٨ ، التهذيب ٧ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ـ ٦٥١ ، الوسائل ٢٥ : ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ، الباب ١٢ من أبواب كتاب إحياء الموات ، الحديث ٣ و ٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ ـ ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، سنن الدار قطني ٤ : ٢٢٧ ـ ٨٣.
(٤) النهاية ٣ : ٨١.
(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ٥٢٢ (الطبعة الحجريّة).