وتوهّم أنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون حكما مجعولا أو موضوعا ذا حكم مجعول ، فاسد ، بل اللازم في التعبّد الاستصحابي أن يكون المستصحب قابلا للتعبّد ، وعدم التحريم أيضا كنفس التحريم قابل للتعبّد الشرعي.
الثاني : ما أفاده شيخنا الأستاذ من أنّ عدم المنع ، الثابت حال الصغر ليس إلّا بمعنى اللّاحرجيّة العقليّة بمعنى كون الصغير ـ حيث إنّه كالبهائم ـ غير قابل لوضع قلم التكليف عليه ، فهو مرخى العنان ، ولا حرج عليه قهرا من دون أن يكون إطلاق عنانه من ناحية الشارع ، وهذا المعنى غير قابل للاستصحاب ، للعلم بانتقاضه حين البلوغ إمّا بجعل الترخيص واللّاحرجيّة الشرعيّة ، أو الحرمة حينئذ (١).
والجواب : أنّه لا مانع من استصحاب عدم المنع ، الثابت قبل البلوغ بيوم أو يومين بل وسنة أو سنتين ، فإنّ اللّاحرجيّة الثابتة للصبي حينئذ لا حرجيّة شرعيّة ، لكونه قابلا لوضع قلم التكليف عليه.
نعم ، يتمّ هذا البيان في عدم المنع ، السابق على رشد الصبي وتمييزه.
الثالث : ما ذكره شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ أيضا من أنّ عدم المنع ، الثابت حال الصغر حيث إنّه غير مستند إلى الشارع فاستصحابه لإثبات العدم المضاف إلى الشارع ، المحتمل بعد البلوغ داخل في الأصول المثبتة التي لا نقول بحجّيّتها (٢).
والجواب : أوّلا : ما ذكرناه في الوجه الثاني من أنّ هذا البيان لا يتمّ إلّا في عدم المنع ، الثابت قبل رشد الصبي وتمييزه ، وأمّا بعد ذلك ـ كما إذا كان قبل البلوغ بيوم أو يومين بل سنة أو سنتين ـ فعدم المنع مضاف إلى الشارع ، لكون
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٩٠.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٩٠.