المقام يحتاج إلى دليل في مقام الإثبات ، وفي باب الإزالة والصلاة نفس إطلاق دليل وجوب الإزالة والصلاة دليل في مقام الإثبات بعد تصحيح الترتّب في مقام الثبوت ، فإنّ بقاء إطلاق دليل وجوب الصلاة حتى حال امتثال أمر الإزالة والاشتغال بها لا يمكن ، ولكن لا مانع من بقاء إطلاق كلا الأمرين حال عصيان الأمر بالإزالة وعدم الاشتغال بها ، وهذا بخلاف المقام ، فإنّه ليس هاهنا إلّا واجب واحد في مقام الإثبات (١).
والظاهر أنّ شيئا من هذه الوجوه لا يصلح للمانعيّة عن الالتزام بالترتّب في المقام لا ثبوتا ولا إثباتا.
أمّا الوجه الأوّل والثاني : فلما أشرنا إليه في بحث الترتّب من أنّ أحد الخطابين لا يلزم أن يكون مشروطا بعصيان الخطاب الآخر بمعنى أنّه أخذ في موضوع الخطاب مفهوم العصيان وعنوانه حتى يلزم المحذور المذكور ، بل يكفي أن يكون أحدهما مشروطا بعدم الإتيان بمتعلّق الآخر ، فيمكن أن يكلّف المسافر مطلقا عالما أو جاهلا بصلاة القصر ويكلّف من لا يعلم بالحكم ولم يبلغ حكم المسافر إليه بصلاة التمام مشروطا بعدم إتيانه بالقصر ، فهذا الشخص يلتفت إلى أنّه مسافر ويلتفت أيضا إلى أنّه لم يأت بالقصر وأنّه لم يبلغ إليه أنّه موظّف بوظيفة خاصّة غير وظيفة الحاضر ، فيشمله الدليل.
وأمّا الوجه الثالث : فلأنّ نفس أدلّة الصحّة كافية ، ولا نحتاج إلى دليل آخر ، إذ المقصود تعقّل وجه للصحّة الثابتة بحسب الأدلّة ، فإذا كان الترتّب ممكنا في مقام الثبوت ، فيمكن أن يكون هو وجه الصحّة ، ولا نحتاج إلى أزيد من ذلك.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧.