الاحتمالي البالغ إليه ، فلا بدّ من أن يؤتي بداعي احتمال الأمر وبرجاء إدراك الواقع ، ومع ذلك لا مجال لاستكشاف الاستحباب الشرعي من الأخبار ، لاستقلال العقل باستحقاق حسن الاحتياط الثواب عليه.
وربّما يتوهّم من قوله عليهالسلام ـ مضمونا : «من بلغه عن النبي صلىاللهعليهوآله ثواب على عمل ففعله التماس ذلك الثواب أو طلبا لقول النبي صلىاللهعليهوآله فله كذا» (١) أنّ العمل لا بدّ وأن يؤتى برجاء إعطاء الثواب أو برجاء إصابة قول المبلّغ ، للواقع واحتمال الأمر الواقعي ، لأنّ المطلق وإن كان لا يحمل على المقيّد في باب المستحبّات إلّا أنّه في المقام لا بدّ من الحمل ، ضرورة أنّ عدم الحمل في مورد عدم إحراز وحدة التكليف ، ومن المعلوم أنّ أخبار «من بلغ» كلّها ناظرة إلى شيء واحد ، وهو استحباب العمل البالغ عليه الثواب.
وقد أجاب عنه صاحب الكفاية (٢) : بأنّ تقييد بعض هذه الأخبار لا يوجب تقييد الصحيحة التي فرّع الثواب على مطلق العمل البالغ عليه الثواب ، لعدم المنافاة بينهما ، غاية الأمر أنّه لا يمكن التمسّك بالمقيّدة منها لاستحباب نفس العمل ، بل تدلّ على استحباب ما أتي بعنوان الاحتياط وبرجاء إصابة الواقع ، ولكنّ الصحيحة دالّة على استحباب نفس العمل.
وما أفاده ـ من عدم المنافاة بين إعطاء الثواب على نفس العمل البالغ عليه الثواب وبين إعطاء الثواب عليه إذا أتي برجاء إدراك الواقع ـ وإن كان تامّا إلّا أنّه لو كانت الروايات المقيّدة دالّة على ترتّب الثواب على العمل بعنوان الاحتياط ، لكانت إرشادا محضا إلى ما استقلّ العقل به من حسن الاحتياط واستحقاق
__________________
(١) الكافي ٢ : ٨٧ ـ ٢ ، المحاسن : ٢٥ ـ ١ ، الوسائل ١ : ٨١ و ٨٢ ، الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٧ و ٤.
(٢) كفاية الأصول : ٤٠٢.