المفهوم إمّا من جهة كونه مانعا عن الأمر [الأوّل] وهو كون الشرط ظاهرا في رجوعه إلى الحكم ، وإمّا من جهة كونه مانعا عن الأمر الثاني ، وهو ظهور القضيّة في الانحصار ، ومن الواضح عدم صلاحيته لواحد منهما ، إذ الأوّل إنّما هو بالوضع ، فكيف يمنع عنه ما يحتاج في دلالته على العموم إلى مقدّمات الحكمة!؟
وبعبارة أخرى : دلالة العامّ على العموم حيث إنّها بالأخرة تحتاج إلى مقدّمات الحكمة بالنسبة إلى المدخول تكون بالإطلاق ، لأنّ النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين ، فدلالته إذا كانت بالإطلاق لا يمكن أن تكون مانعة عن دلالة الأداة على إرجاع القيد إلى الحكم الّذي يكون ذلك بالوضع.
وأمّا الثاني منهما وإن كان بالإطلاق إلّا أنّ العامّ لا يصلح لأن يكون مانعا عنه ، لأنّ غاية ما يكون العامّ دالّا عليه إنّما هي تسرية الحكم إلى جميع ما أريد من مدخوله ، وأمّا كونه دالّا على ثبوت العدل للشرط ومتكفّلا لهذه الجهة فلا (١).
وأمّا الوجه الثاني الّذي يختصّ بالمقام فهو : أنّ العامّ في القضايا الحقيقيّة ـ كما هو مورد الكلام ـ لا يتكفّل إلّا لإثبات الحكم على جميع أفراد موضوعه على تقدير وجوده وثبوت فرديّته من الخارج ، ولا يتكفّل لإثبات فرد للموضوع.
وحينئذ بعد الفراغ عن كون القضيّة الشرطيّة ظاهرة في المفهوم تدلّ الآية بمفهومها على خروج موضوع المفهوم ـ وهو نبأ العادل ـ عن كونه داخلا تحت موضوع العامّ ـ وهو كونه إصابة القوم بجهالة ـ بالحكومة ، فكيف يمكن أن
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٩٨ ـ ٥٠٤.