فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩))
٧ ـ (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) ... الآية إلى آخرها جواب على قولهم : هل هذا إلّا بشر مثلكم. أي لم نرسل ملائكة ، وكلّ رسلنا رجال أنزلنا عليهم الوحي بأوامرنا ونواهينا (فَسْئَلُوا) أيها الناس ، بل أيها المعاندون اسألوا (أَهْلَ الذِّكْرِ) عن ذلك (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) لا تعرفون حقيقة الرّسل. وأهل الذكر هنا هم علماء اليهود والنصارى فإن كفّار مكة كانوا يعتقدون بأقوالهم ولذلك أرجعهم إليهم.
٨ ـ (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) ... أي أن الرّسل ما جعلناهم ملائكة ، بل كانوا رجالا يأكلون الطعام ، وهذه الشريفة نفي لما اعتقدوه من أن الرسالة من خواص الملائكة ، إذ كانوا يقولون : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ يعيّرونه بذلك. فالرّسل كذلك رجال يأكلون ويشربون ويحيون ويموتون كبقية الناس (وَما كانُوا خالِدِينَ) باقين في دار الدّنيا.
٩ ـ (ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ) ... أي أن عاقبة الرّسل والمؤمنين بهم ، كانت أننا وفينا لهم بما وعدناهم به ، فأنزلنا عذاب القتل والإهلاك بالكافرين بهم وبالمشركين بنا ، وأنجيناهم من القتل والعذاب وأنجينا معهم من شئنا من المؤمنين بهم وبدعوتهم (وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) أفنينا المتجاوزين للحدّ في كفرهم وعنادهم ومعاصيهم. وهذه الكريمة كلّها تهديد لكفار قريش وتخويف لهم ولمن كان على شاكلتهم.
* * *
(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠)