بشخصه مستكبرا يرى نفسه مستغنيا عنّا فيكون مستبدّا برأيه (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) من مرض أو فقر (كانَ يَؤُساً) آيسا يأسا شديدا من رحمة ربّه.
٨٤ ـ (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) ... أي على طبيعته وعادته الّتي يعتادها ويتخلّق بها (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) أوضح طريقا وأصوب دينا. وعن الصادق عليهالسلام : النية أفضل من العمل ، ثم تلا : قل كلّ يعمل على شاكلته يعني على نيّته ، وعنه عليهالسلام : إنّما خلّد أهل النار في النار لأن نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وإنما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأن نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا ، فبالنّيات خلّد هؤلاء وهؤلاء ، ثم تلا : قل كلّ يعمل على شاكلته. وحكي أن النضر بن الحارث وأبيّ بن أبي خلف وعتبة بن أبي معيط أرسلوا من مكة إلى المدينة حتى يسألوا يهود يثرب مجاري أمره وشرح أحواله. ولما جاؤوا واستفسروا منه صلىاللهعليهوآله تعجّب اليهود وقالوا : يا سادة العرب وصناديد قريش نحن عرفنا بأنه يقرب ظهور نبيّ ، ويظهر من كلامكم أنه هو ، فإن كنتم تريدون أن تعرفوه حق المعرفة ، وتخبرون قومكم بواقع الأمر وبحقيقته ، فلا بد وأن تلقوه وتسألوه عن أمور ثلاثة إن أجابكم بجميعها أو سكت عنها جميعا فاعلموا أنه ليس بنبيّ ، وإن أجاب عن اثنين وسكت عن واحد فهذا الذي تذكرونه هو ذاك النبيّ (ص) فالأمر الأوّل أنّه من الذي سار المشرق والمغرب وطافهما ، والثاني من هم الشباب الذين خرجوا من قريتهم وفقدوا في قديم الزمن ، والثالث ما هو الروح؟ فجاءوا إليه (ص) وسألوه عنها فاستمهلهم ، فنزلت في الأول : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) إلخ وفي الثاني (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ، وفي الثالث : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) :
* * *