سافِلَها) صارت منقلبة بهم رأسا على عقب (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) من طين متحجّر ، أو حجر سجّل باسم كل واحد من أهالي القرى. وظاهر الكريمة أن الأمطار كان بعد التقليب. فعلى هذا أيّ فائدة في الأمطار بعد الهلاك؟ يمكن أن يفرض فيه فائدتان : الأولى استحكام الأراضي والتّرب المتراكمة حتى لا تذهب أرياحهم العفنة المنتنة إلى القرى المجاورة فيتأذى بها أهلها والثانية تسوية الأراضي الخربة وجعلها قاعا صفصفا كالمسيل الواسع المفروش بالأحجار بحيث إذا يمرّ المارّون وينظرون إلى تلك القرى يرون كأن لم يكن شيئا مذكورا ولم تكن هناك عمارة فتكون عبرة لأولي البصائر والألباب مع أن قرى قوم لوط الأربع كانت عامرة بالأبنية الرفيعة العالية وبالنعم الجسيمة الكثيرة وكانت بين الشام والمدينة وأكبرها سدوم التي كان لها مركز خاص.
* * *
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧))
٧٥ و ٧٦ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) : أكّد سبحانه وتعالى أن في قصة قوم لوط وقلب مدائنهم الأربع عبرة لمن اعتبر من المتوسّمين : أي المتفرّسين الذين ينظرون إلى الأشياء بتعمّق وتدبّر حتى يدركوا حقائقها بعين العقل ونور الفكر الصائب. وقوله تعالى : (لَآياتٍ) قد يعني : الصيحة ، ورفع المدن ، وقلبها ، والإمطار بالأحجار ، فكل واحدة منها آية وعلامة لمن تبصّر واعتبر. وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسّم. وقال الصادق عليهالسلام : نحن المتوسّمون ، والسبيل فينا مقيم ، وهي طريق الجنّة ، والوسم العلامة (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) الضمير في (إِنَّها) عائد إلى مدائن قوم لوط ، أي أن هذه المدن بما ظهر فيها من آثار نقمة الله سبحانه من قلعها وقلبها بأهلها وما فيها ، وجعلها كأن لم تكن