يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥))
٨٨ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) : هذه حكاية قول اليهود والنصارى ومشركي العرب أيضا ، فهؤلاء جعلوا الملائكة بنات الله ، وأولئك وأولئك جعلوا كلّا من عزير وعيسى ابنا له ، فأجاب سبحانه على قولهم بقوله الكريم :
٨٩ و ٩٠ و ٩١ و ٩٢ ـ (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) ... فأقسم سبحانه باللّام وبقد التحقيق بأنكم أيها المدّعون لله ولدا قد أتيتم بشيء منكر عظيم شنيع ، حين سمّيتم لله تعالى ولدا ، وقد جلّ عن ذلك وعزّ لأنه لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفؤا أحد. وانّ هذا الافتراء عليه (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) ... أي لو تشقّقت السّماوات لشيء عظيم لكانت تشققت لهذه الفرية العظيمة والنّسبة السخيفة (وَتَنْشَقُ) تتفطّر أيضا (الْأَرْضُ) منها (وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) تنهدم وتتساقط في السفوح وينقلب أعلاها على أسفلها. والهدّ هو الكسر والتفطّر الذي يعقبه الانسلاخ الذي له صوت شديد. كل ذلك كان يمكن أن يكون لمجرّد (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) حيث جعلوه كائنا ذا أولاد ، وقد جلّ عن الشبيه والمثيل. وهذه الجملة في موضع العلّة للحوادث المهمّة المذكورة ، بل هي العلّة نفسها (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) ولا يليق بحضرته وقدسه وعظمته وتعاليه عن الشبيه والمثل ، أن يكون له ولد لا بكيفيّة التجانس ، ولا بالتبنيّ ، لأنه إمّا أنه مستلزم للمحال أو للتجسيم الذي هو محال أيضا.