من حسنات هذا لهذا ، أو يؤخذ من سيئاته لسيئاته والعياذ بالله من ذلك.
فهذه الآية الكريمة تدل على أن من منن الله تعالى على عباده أن المؤمن الذي فعل الطاعات وتجنّب المعاصي ، لا يخاف منع ثواب عمل يثاب عليه ، ولا يخشى زيادة سيئات على سيئاته المسجّلة عليه ، وهذه الآية الكريمة من أرجى الآيات في كتابنا العزيز والحمد لله.
* * *
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤))
١١٣ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) ... أي : وهكذا أنزلنا هذا الكتاب قرآنا يقرأ باللغة العربية (وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) وكرّرنا فيه آيات التهديد بالعذاب والوعد بالثواب (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) بأمل أن يتجنّبوا ما يغضب وأن يتقرّبوا بما يرضي حتى تصير التقوى ملكة عندهم (أَوْ يُحْدِثُ) هذا القرآن يجعل (لَهُمْ ذِكْراً) عظة تذكّرهم بما أصاب الأمم الماضية فتجعلهم يتّعظون ويعتبرون.
١١٤ ـ (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) ... أي ارتفع وسما بذاته وبصفاته عن مماثلة المخلوقات ومشابهتها ، لأنه (الْمَلِكُ) النافذ التصرّف فيهم وفي ملكوته بأجمعه ، وهو الملك (الْحَقُ) الذي يحق له الملك ، أو هو النافذ الأمر بالاستحقاق (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) أي لا تتعجّل قراءته قبل أن يفرغ جبرائيل من تلاوته عليك وإبلاغه إياك ، إذ من المرويّ أنه كان صلىاللهعليهوآله يساوق جبرائيل عليهالسلام في القراءة