(أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) أي : رمى بما بين يديه من العمل لهذا اليوم المشهود.
٦٦ ـ (قالَ بَلْ أَلْقُوا) ... : أي أمرهم بإلقاء ما معهم على مشهد من الناس ، فألقوا (فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ) ما كانوا قد أعدّوه من حبال وعصيّ ، كان (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ) شبّهت لموسى من شدّة ما كان عندهم من البراعة في السّحر (أَنَّها تَسْعى) تتحرّك وتتقلّب على الأرض كالأفاعي الهائجة المرعبة.
٦٧ ـ (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) : أي وجد في قلبه خوفا ، وأضمر شيئا من الخشية في نفسه من أن يشكّ الناس بهذا السحر ، ويروا عصاه أيضا كالسحر فلا يتّبعونه كما هو المتعارف في الطبع البشري.
٦٨ ـ (قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) : أي ألهمناه أن لا يخشى اغتشاش الناس بسحرهم ولا يخاف عدم التصديق بآيته لأنه هو المتفوّق عليهم بالنهاية. وقوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) ، تعليل للنهي في قوله : (لا تَخَفْ) ، وتقرير لغلبته مؤكدا.
٦٩ ـ (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) ... أي : ارم واطرح العصا التي في يمينك يا موسى تلقف : تبتلع ما صنعوا من السّحر والتخييل بقدرة الله تعالى. وقد قالوا لمّا ألقى موسى عصاه صارت حيّة طافت حول الصفوف حتى رآها الناس كلّهم ، ثم قصدت الحبال والعصيّ فابتلعتها جميعها على كثرتها مع أن السّحرة كانوا أربعمائة نفر وكان مع كل واحد مائة عصا وحبل. وفي بعض التفاسير كانوا ثلاثين ألفا وقيل : سبعون لأن السحر كان منتشرا في ذلك العهد ، ومهما كانوا ـ قلّوا أو كثروا ـ ف (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ) أي مكر واحتيال وتخييل لا حقيقة له ، ولا ثبات له أمام الحق والواقع حيث يزهق الباطل وينهزم كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، ولذلك (لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) أي لا ينجح ولا يفوز على من خاصمه في سحره أين كان وحيث أقبل لأن عمله من