(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣))
٣٠ ـ (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ... ألم ينظر الكافرون إلى خلق السماوات والأرض وأنهما (كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) فعن الباقر عليهالسلام أنه سئل عن هذه الآية فقال : فلعلّك تزعم أنهما كانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان ففتقت إحداهما عن الأخرى؟ فقال السائل : نعم. فقال عليهالسلام : استغفر ربّك ، فإن قول الله عزوجل : كانتا رتقا ، يقول : كانت السماء رتقا لا تنزل المطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب. فلما خلق الله الخلق وبث فيها من كل دابّة ، نتق السماء بالمطر والأرض بنبات الحب. فقال السائل : أشهد أنك من ولد الأنبياء وأن عندك علمهم (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) أي جعلنا حياة كلّ حيوان من الماء لأنّه مخلوق منه ، أي من النّطفة التي هي ماء ، ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) ، لأن الماء أعظم موادّها ، ولفرط احتياجه إليه وانتفاعه به ، وقاعدة السنخيّة تقتضي أن يلازم بعض الحيوان الماء ، كالسمك مثلا ، فإنه يتكوّن فيه وينمو ويكبر ويعيش فيه ، فإذا خرج منه وفارقه مات لأن حياته منوطة بأن يكون فيه. وكذلك كل ذي حياة فإنه حياته تقوم بواسطة الماء لأنه لا يستغنى عنه بحال من الأحوال ، ولو انقطع عنه نهائيّا مات. وقيل معناه : وجعلنا الماء حياة كلّ ذي روح ونماء