٥١ ـ (قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى؟ :) أي ما حال الأمم السابقة من حيث الشقاوة والسعادة ، أو ما حال رجال دينهم مع ملوكهم ، وكيف كانت مصائرهم؟
٥٢ ـ (قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ) ... أجاب موسى عليهالسلام أنه لا شأن لنا بمن مضى من الأمم ولم نكن في تلك الأعصار حتى نعلم ما جرى عليهم ، وأمرهم وعلمهم عند ربّي عزوجل ، وقد سجّل عليهم كلّ ما عملوه في كتاب إذ (لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) فالأشياء المثبتة في ذلك الكتاب كلّها نصب عين ربّي عزوجل وهي لا تذهب عن علمه ولا ينساها. والضلال أن يخطئ عن الشيء فلم يعرف مكانه فلا يهتدي إليه ، في حين أن النسيان يكون ذهاب ذكر الشيء بحيث لا يخطر في البال. فربّي عزوجل لا يغيب علمه عن شيء ولا يذهب من علمه شيء.
ثم عاد موسى عليهالسلام إلى ما كان فيه من بيان وبرهان يتحدّث عن عظمة الله تعالى :
٥٣ ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) ... أي فراشا تقيمون عليه وتقضون حياتكم الدنيا (وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) جعل لكم فيها طرقا تمشون عليها وتهتدون إلى ما تطلبون (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) أمطركم بالماء من السماء (فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) فكان من أثر الماء أن خرج نبات الأرض بقدرة الله تبارك وتعالى على اختلاف أشكاله وألوانه وأنواعه ، لأنه جعل من الماء كل شيء حيّ. وشتّى : جمع شتيت ، كمريض ومرضى ، فالنباتات التي تخرج بعد إنزال الماء على الأرض : وباتّحاد البذرة مع التراب والماء والهواء ، إن هذه النباتات المتفرقات في الألوان والطعوم والمنافع ، وهذا الاختلاف مع هذا الاتحاد ، دليل واضح على أن ذلك لم يتمّ عن طريق المصادفة والطبع والطبيعة ، بل هو بفعل العالم القادر الحكيم المريد الذي يعمل وفق الحكمة وطبق المصلحة. ولا تنسى أن تسمية الأصناف بالأزواج