غَشِيَهُمْ) أي أصابهم منه ما أصابهم من الغرق في مائه. والإبهام هنا لبيان عظمة الغشيان وعظمة الغرق الذي حلّ بهم حين غطّى الماء هذه الألوف المؤلّفة ، وفيه مبالغة وإيجاز. وحين أغرق الله فرعون وقومه رجع بنو إسرائيل ليروا ما أصابهم وقالوا لموسى : ادع الله أن يخرجهم لنا حتى ننظر إليهم ، فدعا ، فلفظهم البحر إلى الساحل وأصابوا من سلاحهم ومن زينتهم الشيء الكثير .. وذكر ابن عباس أن جبرائيل عليهالسلام قال : يا محمد لو رأيتني وأنا أدسّ فرعون في الماء والطين مخافة أن يتوب. (وَ) هكذا (أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) ضلالا بعيدا وجعلهم يخسرون دنياهم وآخرتهم (وَما هَدى) قومه إلى النجاة بل أوردهم النار وبئس الورد المورود.
* * *
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢))
٨٠ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ) ... : هذا الكلام الشريف مبتن على إضمار : قلنا. فإن الله سبحانه وتعالى أخذ يبيّن نعمه على بني إسرائيل ويذكّرهم بها فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، ولو لا ذلك ما ذكر شيئا من هذا لأنه سبحانه غنيّ أن يتعرّض لذكر ما ينعم به على عباده لو لا هذا المعنى ، لأن المنّ بالعطايا قبيح عند المخلوق فكيف بالمنعم الحقيقي الغني على الإطلاق؟ فإذا ذكر الله تعالى إنعامه على عباده فإنه لا يقاس