كما في الحيوان حيث إن المراد بالزوج فيه : الذكر والأنثى ، وفي الثمار هو عبارة عن لونين ، أو باعتبار الذكورة والأنوثة وإن خفي علينا نوعها. ويمكن أن يراد بالزوج في الآية : الذكر والأنثى والتثنية والإفراد ، أي عنوان التثنية في (زَوْجَيْنِ) كان تأكيدا لما يدلّ عليه لفظ الزوج من الاثنينيّة. وأما قوله تعالى (اثْنَيْنِ) فإما أن يكون بيانا للزوجين حيث قلنا إن الزوج بطبعه وعلى حسب وضعه يدل على الاثنينيّة ، والتثنية كذلك. فمعنى الزّوجين : اثنين اثنين ، وفوجئ بهذا اللفظ ليدل على انسلاخ الزوج عن الاثنينيّة ، وإن المراد ب (زَوْجَيْنِ) هو الاثنينيّة التي تدل عليها تثنيته. وإما أن يكون المراد بزوجين : صنفين ، أي أريد بالزوج : الفرد ، بمعنى الصّنف. وال (اثْنَيْنِ) كناية عن اختلافهما كما فسّرناه آنفا. وقيل إن تعقيب ال (زَوْجَيْنِ) ب (اثْنَيْنِ) للتأكيد كما هو دأب العرب في هذه الموارد (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) أي تغطّي ظلمة الليل ضوء النهار فيصير الجوّ مظلما بعد أن كان مضيئا ، وكذلك العكس حين يأتي ضياء النهار فيمحو ظلام الليل ، لانتفاع الحيوانات والكائنات الحية من الراحة في الليل ، وتحصيل القوت في النهار ، وذلك من أهمّ الآيات التي تدلّ على وجود مدبّر قادر للعالم عند كل إنسان متفكّر عاقل.
٤ ـ (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) ... أي أقسام متلاصقة متقاربة وفي عين الاتّصال وقرب الجوار ، مختلفات بالرّخاوة والصّلابة ، والطّيبة والسّبخة ، والصلاح للزرع وعدمه ، وللشجر دون غيره ، أو لبعض أنواع الزرع دون بعضه ، وكلّ ذلك ـ أيضا ـ من دلائل وجود الصانع القادر الحكيم ، لأن اشتراك القطع في الطبيعة الأرضية تقتضي عدم الاختلاف لو خلّيت وطبيعتها (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) جمع صنو أو صنوة وهي النّخلات العديدة التي تخرج من أصل واحد ، أو هي التي تخرج عن أصل أمّها من بقية الأشجار في الأحراج والبساتين ، وتنبت على أصول شتّى (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) من الأنهار أو من السماء مع أن الأرض واحدة والماء واحد (نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ) في الأثر والشكل واللون والطعم ، ولو كان بالطبع لما