مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢١) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢))
١٩ ـ (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ) ... أي : بعد حصول ما كان من أمر وضعه في البئر ، بثلاثة أيام حسب الظاهر ، جاء رفقة سائرون في سفر فنزلوا قريبا من البئر وأحسّوا بالحاجة إلى الماء (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ) يعني بعثوا واحدا يرد الماء ويستقي لهم. والوارد في القافلة هو من كان مكلّفا بسقاية العير ومتعهّدا بالرّي دون غيره. فذهب واردهم إلى البئر (فَأَدْلى دَلْوَهُ) أي أنزل الدّلو ـ وأرسل السّطل ـ الذي يغترف به الماء من البئر ، فتعلّق به يوسف عليهالسلام فعرف المستقي من البئر فتهلّل وجهه فرحا و (قالَ يا بُشْرى) أي يا قوم البشارة البشارة (هذا غُلامٌ) يعني ولد دون العاشرة. ويحتمل أن يكون قد بشّر نفسه بذلك ، أو أن يكون قد لفظ هذا الكلام تحيّرا وتعجبا لأن خروج غلام حيّ من بئر فيه ماء أمر نادر غريب. فكيف بمثل هذا الغلام الرائع الحسن الفاتن الجمال! .. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أعطي يوسف شطر الحسن ، والنّصف الآخر لسائر الناس.
وسواء كانت البشرى للوارد أم لسائر أفراد السيّارة ، فقد أنقذوا يوسف (ع) من البئر (وَأَسَرُّوهُ) أي أخفوه ولم يعلنوا الحادثة لأنهم التقطوه دون كلفة وعناء ، وبلا ثمن ولا مصروف (١) ، وصمّموا أن يجعلوه (بِضاعَةً)
__________________
(١) وفي رواية عن الإمام السجاد عليهالسلام ـ كما عن ابن عباس ـ : أن إخوة يوسف لما طرحوه في الجب ورجعوا ، قالوا بعد ثلاثة أيام : انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف ، أمات أم هو حيّ فلمّا انتهوا ـ