وكلّ نام ، فيدخل فيه الحيوان والنبات. وقد سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن طعم الماء ، فقال : سل تفقّها ولا تسأل تعنّتا. الماء طعم الحياة. قال الله سبحانه : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ ..) الآية. ويستفاد من قوله : سل تفقها ولا تسأل تعنتا أن السائل كان من الملاحدة أو من الذين في قلوبهم مرض (أَفَلا يُؤْمِنُونَ) ألا يصدقون بعد رؤية الآيات المذكورة الدالة على وجود الصانع الحكيم ، وبعد أن لزمتهم الحجة؟ ولم يكتف سبحانه بذكر الآيات المزبورة من خلق السماوات والأرضين على الشكل الذي حكاه ، ومن جعل هذه الخاصيّة العظيمة للماء ، بل عرض لآيات أخرى عظيمة فقال عزّ من قائل :
٣١ ـ (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) ... أي خلقنا في الأرض الجبال الراسية الثابتة ، حتى لا تميد الأرض : تضطرب بالناس وتهتزّ وتتحرك بأهلها ، وكيلا تميل بهم فلا تستقر ، وهو كقوله سبحانه : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً)(وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً) أي في الأرض جعلنا طرقا في سهولها وجبالها ووديانها ، وجعلنا الطّرق واسعة (فِجاجاً) مما يدل ضمنا على أن الطرق في بدء خلقتها كانت على صفة الاتّساع ولو لا ذلك لما أمكن الناس أن يهتدوا إلى مقاصدهم في أسفارهم ، ولضلّوا عن أوطانهم وطرق بلادهم ، ففوائد السعة في الطرق كثيرة قد عبّر عنها جلّ وعلا ب (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) أي ليهتدوا إلى مقاصدهم ويستدلوا على مصالحهم.
٣٢ ـ (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) ... بعد أن تكلم عن الأرض وما جعل فيها ، تكلّم عن أنه جعل السماء كالسقف للكائنات بمجموعها ، وجعله محفوظا عن الوقوع بقدرته الكاملة ، أو عن الشياطين يحفظها بالشهب حتى لا يسترقوا السمع (وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) أي والناس غير ملتفتين إلى ما فيها من آيات ودلالات ، منصرفون عن التفكّر في كيفياتها وأحوالها الدالة على كمال عظمة الصانع ووجوده وتمام قدرته.
٣٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) ... أي أنه تعالى هو خالق الليل