علمهم ، مختلفين في بعض أقاويلهم ، مفترقين في بعض مذاهبهم ، فكيف العلم في افتراقهم ، وإلى من يلجأ منهم؟ وكيف نعمل باختلافهم وقد حضضتنا عليهم ، وأعلمتنا أن كل خير لديهم ، وإن الفرقة التي وقعت بين الأمة هي من أجل مفارقة الأئمة من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
قلنا لك : قد تقدم بعض ما ذكرنا لك في أول هذا الكلام ، ونحن نشرح لك ذلك بأتم التمام.
إن اختلاف آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أيها السائل عن أخبارهم ـ لم يقع ولا يقع أبدا (٤٩٤) إلا من وجهين :
فأما أحدهما : فمن طريق النسيان للشيء بعد الشيء ، والغلط في الرواية والنقل ، وهذا أمر يسير حقير قليل ، يرجع الناسي منهم عن نسيانه ، إلى القول (٤٩٥) الثابت المذكور له عند الملاقاة والمناظرة.
والمعنى الثاني : فهو أكبر الأمرين وأعظمهما ، وأجلهما خطرا وأصعبهما ، وهو أن يكون بعض من يؤثر عنه العلم تعلم من غير علم آبائه ، واقتبس علمه من غير أجداده ، ولم يستنر بنور الحكمة من علمهم ، ولم يستضيء عند إظلام الأقاويل بنورهم ، ولم يعتمد عند تشابه الأمور على فقههم ، بل جنب منهم (٤٩٦) إلى غيرهم ، واقتبس ما هو في يده من علمه من أضدادهم ، فصار علمه لعلم غيرهم مشابها ، وصار قوله لقولهم صلوات الله عليهم مجانبا ، إذ علمه من غيرهم اقتبسه ، وفهمه من غير زنادهم (٤٩٧) أزنده ، فاشتبه أمره وأمر غيرهم ، وكان علمه كعلم الذين تعلم من علمهم ، وقوله كقول من نظر في قوله ، وضوء نوره كضوء العلم الذي في يده ، وكان هو ومن اقتبس منه سواء في
__________________
(٤٩٤) في (ب) : الاختلاف.
(٤٩٥) من (ب) ، وفي الأصل : القول.
(٤٩٦) في (ب) : عنهم.
(٤٩٧) الزند : العود الذي يقدح به النار. تمت (قاموس).