ومعناه ، وأنه ما واقع الصور الأولى (٥٦٥) والأخرى من مراد الله وفعله ، وما حكم به سبحانه في خلقه.
الروح
وسألت عن الأرواح ، فقلت : ما هي؟ وكيف هي؟ وقلت : كيف يميت الله الجسم ولا يميت الروح والله عدل لا يجور؟
فكذلك الله سبحانه عدل في فعله ، حكيم في صنعه ، لا يجور على أحد من خلقه. فأما (٥٦٦) ما قلت وسألت عنه من صفة الروح وتفسيره ، فالروح : شيء خلقه الله قواما للأبدان ، وحياة للإنسان ، به تعمل الجوارح المجعولات ، وتتصرف الاستطاعة المخلوقة ، تعدم الجوارح الاستطاعة بعدمه ، وتثبت فيها استطاعتها بوجوده ، شيء خلقه الله وصوره وجعله بحكمته ، وافتطره لحياة الأبدان والأعضاء ، ويعيش به ما جعل الله في الأبدان من الأشياء ، به تبصر الأعين المبصرة ، وبه تسمع الآذان السامعة ، وبه تنطق الألسن وتشم الأنف ، وتبطش اليدان ، ويميز القلب ، وتمشي الرجلان ، جعله الله قواما لما حوت الأبدان ، ودليلا على قدرة الرحمن ـ فهذه صفة الروح ونعته ، وبيان ما عنه سألت منه وشرحه ـ ضعيف محدود ، تضمه الأبدان المؤلفة ، وتجمعه الأعضاء المتفرّقة ، ويحويه الجسم ويحده ، مخلوق مجعول ، وكائن بتدبير الله مفعول ، فهذه صفة الروح ، وبيان ما عنه سألت وشرحه.
فإن قلت : انعته لي بصفة غير هذه أقف عليه بها من لون ، وطول ، وعرض ، وغير ذلك من الصفات؟
قلنا لك وأجبناك : بأن الذي ذكرت محجوب عنا ، استأثر الله بعلمه ، وأبى أن يطلع أحدا على قدرته. فقال : لمن سأل نبيئه عما سألت من الروح وتقديره ، وصفته بغير ما
__________________
(٥٦٥) في (ب) و (ج) : أولا وآخرا.
(٥٦٦) في (أ) : وأما.