كتاب القياس للهادي عليهالسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فطر الأشياء على إرادته ، وجعلها كيف شاء بعزته ، وعم المخلوقين برحمته (٤٧٣) ، ولم يوجد شيئا لغير حكمة ، ولم تعدم منه في الموجدات آثار قدرته ، فكل شيء عليه سبحانه دليل ، فتبارك الله الواحد الأحد الجليل ، الذي لا تعزه كثرة المخلوقين ، ولا ينقصه قلة المربوبين ، الذي لا تتم لغيره الصالحات ، ولا تبلغ شكر آلائه القالات ، ولا تحيط بذكر إفضاله الصفات ، ولا تعروه السنات ، العالم بخفيات الغيوب ، المطلع على سرائر القلوب ، الذي لم يحل بين عباده وبين طاعته ، ولم يدخل أحدا من خلقه في معصيته ، الهادي للسبيلين ، والمبين للنجدين ، والفاصل بين العملين ، المحتج بالرسل على العالمين ، المتفضل على الخلق بالمرسلين ، الذي لم يزده إيجاد الخلق به خبرة ، ولم يترك لهم عليه سبحانه حجة ، الذي لم يزل ولا يزال الواحد الأحد الصمد ، ذو الجلال ، أول الأولين ، وآخر الآخرين ، وفاطر السموات والأرضين ، الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ، (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام : ١٠٣] ، الذي (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ٣ ـ ٤] ، (الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) [الإسراء : ١١١]. وصلى الله على محمد عبده ورسوله ، وأمينه على وحيه ، وخيرته من بريته ، صلى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم تسليما.
__________________
(٤٧٣) في (ب) : بنعمته.