في يوم المعاد؟
والقول في ذلك إن الله ذا الجلال والإحسان قد جعل مع كل إنسان ملكين في كل حال عن اليمين وعن الشمال ، يحفظان عليه فعله ، ويحصيان عمله ، ويكونان شاهدين عليه بكسبه ، محصيين ما يكون من صنعه ، فإذا كان يوم القيامة ، ويوم الحسرة والندامة ، أتى به ملكاه إلى من أمره الله من الملائكة بمحاسبة العباد. ومحاسبتهم فتوقيفهم على أفعالهم ، وتعريفهم ما كان من أعمالهم ، ثم يشهد حافظاه عليه ، ووقفاه على ما كان من أمره ، وبكّتاه بمعاصيه لربه ، ووقفاه على جرأته على خالقه ، فلم يذرا مما تقدم منه شيئا إلا أوقفاه عليه حرفا حرفا ، فهذا معنى محاسبة الرب لعباده.
فإن قلت : فما معنى ذلك إذ كان العقاب لازما على المعاقبين ، والثواب واجبا للمثابين؟
قيل لك : لأن في تعريف المعاقب ما تقدم من فعله ، وتوقيفه على ما أتى به من عمله حسرة عليه في يوم الدين أيما حسرة ، وفي تحسره جزاء عظيم من عذابه ، وكان توقيفه سببا لتحسره وغمه ، وكان تحسره وغمه زيادة في عذابه وخزيه (٥٦١)
وكذلك : معنى توقيف الله الصالحين على فعلهم ، وإعلام حفظتهم لهم ما حفظوا عليهم من عملهم ، فكان ذلك سرورا للمؤمنين ، وإيقانا من المتقين بنجاح فعلهم ، وحسن موقعه عند ربهم ، وبشارة سابقة إليهم من الرحمن ، بما أعدّ لهم من الفضل والجزاء والخير والإحسان ، فكان ذلك زيادة من الله في ثوابهم ، وبشارة سبقت إليهم في يوم معادهم.
فهذا معنى ما عنه سألت من الحساب ومعناه ، وما أراد الله بذلك وشاءه.
معنى يوم القيامة
وسألت فقلت : ما يوم القيامة وأي شيء معنى القيامة؟
__________________
(٥٦١) في (ب) : وحزنه.