في ذلك دفع الظلم عنّا وعن المسلمين ، لكنا نترك الظالمين والباغين يبلغون منتهى حاجتهم منا ومن حرماتنا وأموالنا ، ثم يمضون سالمين. وقال آخرون نقاتل وندفع عن أنفسنا وحرماتنا وأموالنا بالسلاح وغيره ، فإن قتلنا رجونا أن نكون شهداء ، وإن قتلناهم رجونا أن نكون سعداء. فلما شهدوا أن نصرة المظلوم ودفع الظالم والأخذ على يد الظالم فريضة لازمة لمن قدر عليها ، علمنا أنه لا يخرجنا من هذه الفريضة إلا أداؤها ، والقيام بها بالسلاح وغيره إذا أمكننا ذلك ، فأخذنا بما أجمعوا عليه لنا في أصل شهادتهم ، ولم نترك ذلك كما تركه الآخرون وهم على دفعه قادرون. فهذا ديننا وحجتنا على من خالفنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفع الظالم.
فمن أقام على هذه الأصول كما أقمنا ، ودان بها كما دنا ، وعمل بما استحق الله عليه فيها فهو منا وأخونا وولينا ، ندعوه إلى ما أجابنا ، ونجيبه إلى ما دعانا. ومن خالفنا وفارقنا عليها حاججناه بالمحكم من كتاب الله ، ورددناه إلى المجمع عليه من سنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن قبل ذلك كان له ما لنا ، وعليه ما علينا ، وإن أبى إلا المخالفة للحق ، والمعاندة للصواب كان الله حسيبه (١٤٠) ، وولي أمره ، والحاكم بيننا وبينه ، وهو خير الحاكمين ، وقد ذكرنا من كتاب الله عزوجل تحقيق ما قلنا وتصديق ما وصفنا.
باب ذكر التوحيد
إن الله تبارك وتعالى ذكر التوحيد في كتابه فقال : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص.] ، فأخبر سبحانه أنه الواحد الأحد الذي ليس بوالد ولا ولد ، وأنه ليس له كفؤ ولا شبيه في وجه من الوجوه ، وقال : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) ، يقول : كفوا أو نظيرا ، وقال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ، وقال : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام : ١٠٣]
__________________
(١٤٠) في (ب) و (ج) : حسبه.