يغلب على كونه ، والله لا يأمر بما لا يريد ، ولا ينهى عمّا يريد ، والله غالب غير مغلوب وأنه أحكم الحاكمين.
باب ذكر المشيئة
وذكر الله المشيئة في كتابه فقال : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) [الأنعام : ١٤٨] ، وقال أيضا : (لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) [النحل : ٣٥] ، (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ، فلما أضاف المشركون شركهم ، وكفرهم ، وعبادتهم لأصنامهم إلى مشيئة وأمره رد الله في ذلك عليهم ، وأخبر أنه ليس كما قالوا ، وأنهم يتبعون الظن ويكذبون على الله وعلى مشيئته وأمره ، كما قال : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٢٨] ، فبين أنه لا يشاء الشرك ولا يأمر به ، وأمره ومشيئته في الطاعة واحدة. فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله لا يشاء الشرك ، ولا يأمر به ، ولا يريده ، وليس بمغلوب على شيء إلا غالب غير مغلوب ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوا كبيرا.
باب ذكر المحبة
وذكر الله المحبة في كتابه فقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) [البقرة : ٢٠٤ ـ ٢٠٥] ، وقال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص : ٧٧] ، وقال : (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة : ١٩٠] ، والمعاصي كلها قليلها وكثيرها فساد ، وقد أخبر الله أنه لا يحب الفساد. فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله لا يحب المعاصي ، ولا يحب أن يعصى ، تعالى عمّا يقول الجاهلون علوا كبيرا.