الشرك
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه :
الشرك في كتاب الله على وجوه.
[الوجه الأول] : قال الله عزوجل : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] ، فالمشرك من عبد مع الله غيره كائنا ما كان ، من الجمادات والحيوان ، فالجماد مثل ما كان المشركون يعبدون في الجاهلية من الأصنام ، من حجر أو عود أو نجم ، ويقولون إذا سئلوا عن عباداتهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ، وقوم منهم على وجه التقليد يقولون : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف : ٢٣].
والوجه الثاني من الشرك : فهو كما قال الله عزوجل : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) [فصلت : ٦ ـ ٧] ، فسماهم مشركين بتركهم لأداء زكاتهم.
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مانع الزكاة وآكل الربا حرباي في الدنيا والآخرة» ، ومن كان حربا للنبي فهو مشرك ، ثم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يقبل الله صلاة إلا بزكاة ، كما لا يقبل صدقة من غلول.» ، يعني أنه إذا غل الإنسان زكاة ماله ثم تصدق ببعض ماله أو بكله أن تلك الصدقة لا تقبل ، وقال : «لا تقبل صلاة إلا بزكاة.» وقال : «الزكاة قنطرة الإسلام.».
والوجه الثالث من الشرك : أنه من أطاع عدوا من أعداء الله فهو مشرك بالله ، كما قال الله سبحانه : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام : ١٢١] ، فمن أطاع شيطانا من الشياطين ـ كان المطاع ظالما أو عالما متمردا ـ فقد عبده.
والوجه الرابع من الشرك : فقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مدمن الخمر كعابد وثن.» ، قيل : وما مدمنه يا رسول الله؟ قال : «الذي كل ما وجده شربه ، ولو كان في كل عام مرة» ، فجعل شارب الخمر كعابد الحجر ، والخمر فهو : ما خامر العقل فأفسده ، كان من عنب أو زبيب ، أو تمر أو عسل ، أو ذرة أو شعير ، وكل ما أسكر فهو حرام