مسألة لأبي القاسم محمد بن يحيى عليهماالسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
قال يحيى بن الحسين عليهالسلام :
سألت يا بني ، أرشدك الله وهداك ، عمن قذف مملوكا أو مملوكة مسلمة ، فقلت : هل يجب عليه حد كما يجب على من قذف حرة مسلمة؟
وقد اختلف في ذلك ، فقال قوم : يجب عليه الحد إذ قذف حرة مسلمة كانت أو أمة ، وكانت حجتهم في ذلك ، يزعمون ، قول الله تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) [النور : ٤] ، فقالوا : المحصنات هن العفائف المسلمات حرائر كن أو مملوكات ، واحتجوا في ذلك بقول الله تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) [التحريم : ١٢] ، وبقوله سبحانه : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) [النساء : ٢٥] ، فقالوا : هن العفائف الصالحات.
وقال قوم : لا يجب الحد إلا على من قذف حرة مسلمة.
والحجة في ذلك ، يا بني ، فنيرة عند أهل العلم واضحة ظاهرة ، وفي كتاب الله ساطعة ، قال الله سبحانه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً) [النور : ٤] ، فنظرنا في الإحصان ما هو ، فوجدناه على أربعة معان : إحصان الإيمان ، وإحصان التزويج ، وإحصان الحرية ، وإحصان العفة. فلما كان ذلك كذلك اختلف الناس في التي يجب الحد في قذفها أهي المحصنة بالإيمان ، أم المحصنة بالحرية ، أم المحصنة بالعفة والحرية معا؟ فلم يكن عند القوم في ذلك حجة قاطعة تجمعهم