منسوخه كلها ، ليست بمبينة الحكم (٤٤٩) ، والمبينة للحكم فهي ما نسخها مما قد ضل وذهب.) ، لقطعه ، وأفسد ما في يده من قوله : (القرآن قد ذهب بعضه) ، واضطره إلى أن يبطل ما في القرآن من هذه الأحكام المعروفة عند جميع أهل الإسلام ، أو يرجع إلى الحق ، ويقول في القرآن بالصدق ، ويقر أنه هو بعينه لم يذهب منه شيء ، وأنه محفوظ ممنوع من كل غي. وإنما ألزمناه ذلك ؛ لأنه يزعم أن بعض القرآن قد ذهب ، ومن قال بذلك لم يدر أهذه الفرائض التي في الكتاب الذي في أيدي المسلمين منسوخة أم ناسخة ، وأن من لم يعلم ذلك علما يقينا لم يجب عليه الإقرار بما لا يوقنه ، فضلا عن العمل به.
بل لو كابره مكابر مخالف فقال له : (عندي ما ذهب من القرآن ، وأنا أقيم عليه وأقيمه ، وهو ناسخ لكل ما في هذه البقية ، فأنا لا أقيم هذه الأحكام التي قد نسخت ، وأقيم الأحكام التي نسختها ، وأعبد الله سبحانه بالفرائض التي ذهبت من هذا القرآن ، الناسخة لهذه البقية في أيدي الناس ، وأنا بذلك عالم ؛ لأنه عندي وفي يدي) ، ثم ذكر وادعى أن الفرض في الصيام هو صيام رجب ، وأن صوم رمضان منسوخ ، كما نسخ غيره من الصلاة إلى بيت المقدس وغير ذلك من الأحكام ، وقال : أنا لا أصلي الصلاة في أوقاتها التي سميت في هذه البقية ؛ لأن هذه التي معك منسوخة ، نسختها الأحكام التي ضلت وذهبت. وقال : إنه لا يجلد الزاني ، ولكن تقطع يده ، ولا يقطع السارق ولكن يجلد مائة جلدة. وادعى أن هذا الحكم مثبت فيما ذهب من القرآن ، وأنه قد فهم ذلك منه وعلمه ، وقال : إن حكم السارق والزاني في هذه البقية التي تزعم أنها بقيت في أيدي الناس منسوخ ، نسخه ما جهل من القرآن وذهب ، فأنا أعمل بالناسخ ، وأترك المنسوخ. وكذلك يعارضه في كل فرائض القرآن. فإذا عارضه معارض بهذا القول لم يكن له بد أن يدفعه بها ، صغرت أو كبرت ؛ لأنه قد أجابه ، وأجمع معه على أن القرآن قد ذهب بعضه ، بل عامته في زعمه ، ولو كان القرآن كذلك ، لكان الناس كلهم قادرين على ادعاء ما أحبوا أن يدعوا من ذلك ، ولبطلت فرائض الله وحدوده ، ولم يقم لله حد على عباده ؛ لأن ما
__________________
(٤٤٩) في (ب) و (ج) : بمدينة للحكم.