الذنوب ، البريء المتعالي عن كل نصب ولغوب (١٩٦) ، البائن عن الصفات ، فليست تحده القالات ، ولا تنقصه الساعات ، ولا تعروه السنات ، المحمود في كل الحالات.
وأشهد أن محمدا عبده ، ورسوله إلى خلقه ، وأمينه على وحيه ، صلى الله عليه وعلى آله ، الداعي إليه ، بعثه سبحانه بحجته ، واستنقذ به من النار أهل طاعته ، بعثه في طامية طمياء (١٩٧) ، ودياجير مظلمة عمياء ، وأهاويل فتنة دهماء ، فدفع فنيق الكفر والفساد ، وأنهج سبيل الحق والرشاد ، وأدحض عبادة الأوثان ، وأخلص عبادة الرحمن ، وصدع بأمر ربه ، وأنفذ ما أمره به ، ودعا إليه علانية وسرا ، وأمر بعبادته سبحانه جهرا ، صابرا على التكذيب والأذى ، داعيا لهم إلى الخير والهدى ، حتى قبضه الله إليه ، وقد رضي عمله ، وتقبل سعيه ، وغفر ذنبه ، وشكر فعله ، فصلوات (١٩٨) الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الأخيار ، الصادقين الأبرار.
ثم نقول ، بعد الحمد والثناء عليه ، والصلاة على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
أما بعد ...
فإنه وقع إلينا كلام الحسن بن محمد بن الحنفية (١٩٩) ، يؤكد فيه الجبر ، ويشدد في ذلك
__________________
(١٩٦) التعب والإعياء الشديد.
(١٩٧) في (ب) : طخياء ، قال في اللسان : ليلة طخياء شديدة الظلمة قد وارى السحاب قمرها.
(١٩٨) في (ب) : صلوات الله.
(١٩٩) الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وأمه جمال بنت قيس بن مخرمه بن المطلب بن عبد مناف بن قصي. وكان الحسن يكنى أبا محمد ، وكان من ظرفاء بني هاشم ، وأهل العقل منهم ذكروا أنه أول من تكلم في الإرجاء ، وذكروا أن الإرجاء هو أنه قال : (يرجي أهل الفتنة بمعنى أن يتوقف عن الكلام فيمن تحارب مع أمير المؤمنين عليهالسلام). وقد ذكروا أيضا أنه قال لزاذان وميسرة حين لاماه على الكتاب الذي وضعه في الإرجاء ، فقال لزاذان : يا أبا عمر لوددت أني كنت مت ولم أكتبه. وقد ذكر