وقدر.
فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي ، ما أرى لي من الأجر شيئا.
فقال علي (ع) : بلى أيها الشيخ قد عظم الله لكم الأجر على مسيركم وأنتم سائرون ، وعلى منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليها مضطرين.
فقال الشيخ : فكيف والقضاء والقدر ساقانا ، وعنهما كان مسيرنا.
فقال علي عليهالسلام للشيخ : لعلك ظننت قضاء لازما ، وقدرا حتما ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، والأمر من الله والنهي ، ولما كانت تأتي من الله محمدة لمحسن ، ولا مذمة لمسيء ، ولما كان المحسن بثواب الإحسان أولى من المسيء ، ولا المسيء بعقوبة الإساءة أولى من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وجنود الشيطان ، وخصماء الرحمن ، وشهود الزور ، وأهل العمى عن الصواب في الأمور ، قدرية هذه الأمة ومجوسها. إن الله أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وكلف يسيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الرسل هزؤا ، ولم ينزل القرآن عبثا ، ولم يخلق السماوات والأرض وعجائب الآيات باطلا ، (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) [ص : ٢٧].
فقال الشيخ : ما القضاء والقدر اللذان ما وطئنا موطئا إلا بهما؟
فقال عليهالسلام : الأمر من الله والحكم ، ثم تلى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣].
فنهض الشيخ مسرورا بما سمع وهو يقول شعرا :
أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته |
|
يوم النشور من الرحمن رضوانا |
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا |
|
جزاك ربك عنا فيه إحسانا |
نفسي الفداء لخير الناس كلهم |
|
بعد النبي علي الحبر مولانا |
نفى الشكوك مقال منك متضح |
|
وزاد ذا العلم والإيمان إيمانا |
فليس معذرة في فعل فاحشة |
|
يوما لراكبها ظلما وعدوانا |
لا لا ولا قائل ناهية أوقعه |
|
فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا |