الصلاة والسلام على الخصوص ؛ بما لا يمكن دفعه لفظا ولا معنى ، ولا سندا ولا متنا ، حتى إذا استنتجت منهم فائدتها ، وطلبت منهم عائدتها ، بوجوب اتباعهم الذي هو مقتضاه في علم أو عمل ؛ أنكر وبرطم ، ولوى عنقه وتجهم ، وإن ذكرت عنده خلافتهم رآها نكرا ، أو رأى من يتابعهم في مقالة أو مذهب عده مبتدعا ، أو سمع بقراءة في كتبهم ومؤلفاتهم اتخذها هزوا ولعبا ، فما أدري ما بقي لهم من معاني تلك الأدلة والنصوص ، وأي فضل ترك لهم على الناس إذ أوجب عليهم أن يكونوا تبعا والله قد جعلهم متبوعين ، ومؤخرين والله قد جعلهم مقدمين ، وأجل النظر فيما تجده في كتب كثير من محدثي العامة وفقهائها ، فلا تلقاها إلا على هذا النهج ، ما ذاك إلا لإرادة الله عزوجل إظهار الحق على ألسنتهم وأيديهم ، حجة عليهم وإن راموا إنكارها. انتهى.
قلت : فقد صار الأمر في حالهم ما قصه الله تعالى من أمثال قوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) [النمل : ١٤] ، وأصل كل ضلالة وفتنة ، ومنبع كل فرقة ومحنة في هذه الأمة ، والأمم السالفة اتباع الأهواء ، والإخلاد إلى الدنيا.
وقد علم كل ذي علم وفهم ، وفهم كل ذي فهم ، ما جرى لأهل بيت النبوة في هذه الأمة ، وما فعله الطغاة مع العترة المطهرة ، وما ساعدهم به علماء السوء ، وفقهاء الضلال ؛ من اتباع أهوائهم على كل حال ، ورفض أهل بيت نبيهم ، وطرح ما يدينون به من دين ربهم ، حتى غيروا معالم دين الله ، وافتروا على الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لترويج ما يهوونه من الصد عن سبيل الله في الأفعال والأقوال ، كل ذلك معارضة للآل ، ومخالفة لما أمرهم به في شأنهم ذو الجلال.
وقد قصدوا استئصال السلالة النبوية ، وإبادة الذرية العلوية ، وإزالتهم عن وجه البسيطة بالكلية ، وأبلغوا مجهودهم في طمّ منارهم ، وطمس أنوارهم ، فأبى الله تعالى لهم ذلك ، وغلبهم على ما هنالك ، كيف وهم قرناء الكتاب ، والحجة على ذوي الألباب ، والسفينة المنجية من العذاب ، والثقل الأصغر الذين خلّفهم الرسول مع الثقل الأكبر في الأرض ، ولن يفترقا إلى يوم العرض (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [التوبة : ٣٢].
وتهافت في أثرهم الأتباع من العوام ، والهمج الرعاع من الطغام ، أتباع كل ناعق ،