يخالفه في هذا ويزَعْمُ أن المحذوفَ لام التعريف واللام الاصليةُ من الكلمة وأن الباقى لام الاضافةِ فقيل له لامُ الاضافة مكسورةٌ ولامُ لا مَفتوحة فقال أصلُ لام الجر الفَتْحُ ومع ذلك فلو جعلناها مكسورةً لانقلبت الالفُ ياءً وكان الزَّجَّاج يذهب الى قول سيبويه وهو الصحيح لان أبا العباس انما حمله على ذلك فرارا من حذفِ اللامِ لامِ الجر فيقال له قد حُذفتْ لامُ التعريف وهى غير مُسْتَغْنًى عنها وانما احْتُمِلَ الحذفُ الكثير في القَسم والتغييرُ لكثرتهِ في كلامهم حتى حُذِفَ فِعْلُ القَسَم ولا يكادونَ يَذْكُرونه بل لا يُذْكَرُ فيه مع الواو والتاء وقال بعض العرب لَهْىَ أبوكَ فبناه على الفتح وهو مقلوب مِنْ لَاهِ أبوك فقيل لابى العباس اذا كانت اللامُ لامَ الخَفْضِ فهلا كسروها في لَهْىَ فقالوا لِهْىَ بكسر اللام فكان جوابُه لما قلبوا كَرِهُوا إحداثَ تغيير آخر مع الحذف الذى في لاه والقَلْبِ وانما بُنِىَ لهْىَ لانه حُذِف منه لامُ الجرّ ولامُ التعريف ثم قُلِبَ فاختاروا له لفظا واحدا من أخَفِّ ما يُسْتَعمل وهو أن يكون على ثلاثة أحرف أوسطُها ساكنٌ وآخرُها مفتوحٌ ومما يقال في ذلك أنهم لما قَلَبُوا وَضَعُوا الهاء مَوضع الالفِ فنَكَّنُوها كما كانتِ الالفُ ساكنةً ثم قَلَبُوا الالفَ ياء لاجتماع الساكنين لانهم لو تركوها ألفا وقبْلَها الهاءُ ساكنةٌ لم يمكن النطقُ بها فَرَدُّوها الى الياء وهى أخف من الواو ثم فتحوها الاجتماع الساكنين كما فتحوا آخِرَ أَيْنَ واعلم أن من العرب من يقول مِنْ رَبِّى لافعلنّ ذاك ومنهم مَنْ يقولُ منْ رَبِّى انك لَأَشِرٌ ولا يستعمل مُنْ بضم الميم في غير القسم وذلك لانهم جَعَلُوا ضَمَّها دلالةً على القَسَم كما جعلوا الواو مكان الباء دلالة على القسم ولا يدخلون من في غير ربى لا يقولون من اللهِ لَافْعَلَنَّ وانما ذلك لكثرة القسم تصرفوا فيه وكَثَّرُوا الحروفَ واستعملوا فيه أشياء مختلفةً قال سيبويه ولا تدخل الضمة في من الا ههنا كما لا تدخل الفتحة في لَدُنْ الا مع غُدْوةٍ حين تَقُول لَدُنْ غُدْوَةً الى العَشِىِّ ولا تقول لَدُنْ زَيْدًا مالٌ فأراد أن يُعَرِّفَك أن بعضَ الاشياء تَخْنَصُّ بموضع لا تُفارِقُه وقال لا أَفْعَلُ ذلك بِذِى تَسْلَمُ أُضِيفَتْ فيه ذو الى الفِعْل وكذلك بذى تَسْلَمان وبذِى تَسْلَمُونَ والمعنى لا أفعل ذلك بذِى سَلَامَتِكَ وذُو هُنا الامْرُ الذى يُسَلِّمُك لا يضاف ذو من الافعال الا الى تَسْلَم كما أن ادُنْ لا تَنْصِبُ الا في غُدْوة