وبالله لَما زُرْتَنِى ولا تدخلُ الواو ههنا والموضعُ الثالثُ أن تُظْهِرِ فِعْلَ القَسَم كقولك أحْلِفُ بالله ولا تقول أَحْلِفُ واللهِ وأما التاء فانها بدل من الواو كما أُبْدِلَتْ منها في اتَّعَدَ واتَّزَنَ وأصلُه وَعَدَ ووَزَنَ ولم تدخل الاعلى اسْمِ الله وَحْدَه لان قولك الله هو الاسم في الاصل والباقى من أسمائه صفاتٌ والتاء أضعفُ هذه الحروف لانها بدل من الواو والواو بدل من الباء فبَعُدَتْ فلم تدخل إلَّا على اسم الله عزوجل وفي التاء معنى التعجبِ وكذلك اللام تدخل في القسم للتعجب كقول أُمَيَّةَ بن أبى عائذ
لِلَّهِ يَبْقَى عَلَى الأيامِ ذُو جَيَدٍ |
|
بمُشْمَخِرٍّ بهِ الظَّيَّانُ والْآسُ |
ويروى حِيَدٍ بكسر الحاء ويجوز حذفُ حرفِ الجر من المُقْسَمِ به فاذا حَذَفْتَه نَصَبْتَه كقولك اللهَ لَأَفْعَلَنَّ ويَمِينَ اللهِ لَافْعَلَنَّ وهو بمنزلة قولك تَعَلَّقْتُ بزيد وتعلقت زيدا اذا لم تدخل الباء لانه يُقَدَّر للقَسَمِ فِعْلٌ وان حذف فاذا حَذَفْتَ حرفَ الجَرِّ وَصَلَ الفعلُ الى المُقْسَمِ به وشَبَّهَهُ سيبويه بقولهم إنك ذاهبٌ حَقًّا وقد يجوز انك ذاهبٌ بحَقٍّ فاذا حذفتَ الباء نصبتَه وأنشد قول ذى الرمة
أَلارُبَّ مَنْ قَلْبى لَهُ اللهَ ناصِحٌ |
|
ومَنْ قَلْبُه لى في الظِّباءِ السَّوانِح |
بنصب الله وقال الآخر
إذا ما الخُبْزُ تَأْدِمُه بِلَحْمٍ |
|
فَذَاكَ أَمانةَ اللهِ الثَّرِيدُ |
بنصب أمانةَ اللهِ ولا يجوز حذف التاء من تاللهِ ولا اللامِ من لِلَّهِ لانه لما دَخَله معنى التعجب بادخال التاء واللام كَرِهُوا اسقاطَ حَرْف المَعْنَى وربما اسْتُعمل تاللهِ في غير معنى التعجب الا أنك اذا أردتَ التعجبَ لم يجز اسقاطُ التاء* قال سيبويه* ومن العرب من يقول اللهِ فَيخْفِضُ الاسْمَ ويَحْذِفُه تخفيفا الكثرة الايْمانِ في كلامهم وشَبَّهَ ذلك بحذفِ رُبَّ في مِثْلِ قولهم
وجَدَّاءَ ما يُرْجَى بها ذُو قَرابةٍ |
|
لِعَطْفٍ وما يَخْشَى السُّمَاةَ رَبِيبُها |
انما يريد رُبَّ جَدَّاءَ وجَدَّاءُ في موضعِ خفضٍ لكنها لا تضاف وهى الصَّحْراء التى لا نَباتَ بها والواو فيها واو العطف لا واو القَسَمِ ومعنى قوله وما يَخْشَى السُّمَاةَ رَبِيبُها السُّماةُ الصَّيَّادُون في نصف النهار ورَبِيبُها وَحْشُها ثم قَوَّى سيبويه حَذْفَ حرفِ الجر بقول العَرَب لاهِ أبوكَ وأصلُه لِلَّهِ أبوكَ فحذف لام الجر ولام التعريف وكان أبو العباس المُبَرّدُ