الوجه الثانى : أنه إذا كان المسيح مشتملا على الأقنوم القديم ، والناسوت الحادث : فإما أن يقولوا : بالاتحاد ، أو بحلول الأقنوم فى الناسوت ؛ أو حلول الناسوت فى الأقنوم ، أو أنه لا حلول لأحدهما فى الآخر.
فإن كان الأول : فهو باطل ، بما سبق فى إبطال الاتحاد (١).
وإن كان الثانى : فهو باطل بما سبق فى إبطال حلول الصفات القديمة فى محل غير ذات البارى ـ تعالى (٢) ـ ، وبما سبق فى إبطال حلول الحادث بالقديم (٣).
وإن كان الثالث : فإما أن يقال بتجاورهما ، واتصالهما ، أو لا يقال بذلك.
فإن قيل بالتجاور ، والاتصال : فإما أن يقال بانفصال الأقنوم (٤) عن الجوهر القديم (٤) ، أو لا يقال به.
فإن قيل بانفصاله عنه ، فهو ممتنع لوجهين :
الأول : ما تقدم فى إبطال انتقال الصفة عن الموصوف.
الثانى : أنه يلزم منه قيام الصفة حالة مجاورتها للناسوت ، بنفسها ؛ وهو محال. وإن لم يقل بانفصال الأقنوم عن الجوهر القديم ، فيلزم منه أن تكون ذات الجوهر القديم ، متصلة بجسد المسيح ؛ ضرورة اتصال أقنومها به.
وعند ذلك : فليس اتحاد الأقنوم بالناسوت ، أولى من اتحاد ذات الجوهر القديم بالناسوت ؛ ولم يقولوا به.
وإن لم يقل بتجاورهما واتصالهما : فلا معنى للاتحاد بجسد المسيح ، وليس القول بالاتحاد مع عدم الاتصال بجسد المسيح ، أولى من غيره.
وأما قول من قال منهم بأن الإله واحد ، وأن المسيح ولد من مريم ، وأنه عبد صالح مخلوق ، إلا أن الله ـ تعالى ـ شرفه بتسميته ابنا ؛ فهو ما يقوله الموحدون. ولا خلاف مع هؤلاء فى غير اطلاق اسم الابن على ما سيأتى (٥)
__________________
(١) انظر ل ١٥٥ / أوما بعدها.
(٢) انظر ل ١٥٥ / أوما بعدها.
(٣) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.
(٤) فى ب (الأقنوم القديم عن الجوهر الحادث).
(٥) انظر ل ١٦٢ / ب.