وإن سلمنا إمكان تحقيق العجز بالنسبة إلى فعل الغير : ولكن فى حق من يقدر على اضطرار ذلك الغير إلى مراده ، أو فى حق من لا يقدر؟ الأول ؛ ممنوع. والثانى ؛ مسلم.
والإيمان من الكافر ، وإن لم يكن من فعل الله ـ تعالى ـ فقادر على اضطراره إليه باظهار آية يظل عنقه (١) لها خاضعا (١) ، على ما قال ـ تعالى ـ : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (٢). وقال ـ تعالى ـ : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (٣) : أى لجعلناهم على الهدى قسرا ، وقهرا.
والّذي يدل على ذلك : أنه لو فاجأ (٤) زمن مقعد ضعيف لملك (٤) عظيم فى دست مملكته ، والأعوان من حوله (وأخذ (٥) يسبه ، يلعنه (٥)). فإنا نعلم من الملك أنه لا (٦) يمنعه ذاك منه (٦) ، ولا يعد إهماله مع العلم بقدرته على ردعه ، وزجره ، عجزا منه ، ولا قصورا.
سلمنا إمكان العجز ، والقصور مطلقا : ولكن (٧) بالنسبة إلى من يتضرر وينتفع بموافقة إرادته ومخالفتها ، أو بالنسبة إلى من ليس كذلك. الأول ، مسلم ، والثانى ، ممنوع. والرب يتعالى ، ويتقدس عن الاضرار (٨) ، والانتفاع (٨) ؛ فلا يعد قاصرا ، ولا عاجزا بعدم نفوذ إرادته.
سلمنا دلالة ما ذكرتموه على امتناع إرادة ما لم يقع ؛ لكنه معارض بما يدل على نقيضه.
وبيانه : أن الله ـ تعالى ـ أمر بالإيمان ، والطاعة ، ويلزم من كونه مأمورا ، أن يكون مرادا لله ـ تعالى ـ ويدل عليه (٩) وجهان :
__________________
(١) فى ب (لهذا خاضعة).
(٢) سورة الشعراء ٢٦ / ٤.
(٣) سورة السجدة ٣٢ / ١٣.
(٤) فى ب (جاز من مقعد ضعيف إلى ملك).
(٥) فى أ (سبه ولعنه).
(٦) فى ب (لا بد ذلك منه).
(٧) فى ب (ولكن لا نسلم).
(٨) فى ب (الانتفاع).
(٩) فى ب (على ذلك).