ومنها قوله ـ تعالى ـ : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (١) ، (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) (٢). والظلم من جملة الكائنات.
ومنها قوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (٣). وقوله ـ تعالى ـ : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٤). والعسر ، والظلم ، والفساد ، والكفر من جملة الكائنات ، وقد دلت هذه النصوص على أنه غير مراد.
سلمنا أن كل كائن مراد لله ـ تعالى ـ ؛ ولكن لا نسلم أن كل ما ليس بكائن غير مراد الكون.
قولكم : لا بد وأن يكون الرب ـ تعالى عالما بأنه لا يكون ، مسلم ، ولكن لا نسلم استحالة كون ما علم الله أنه لا يكون.
وإن سلمنا استحالة كونه ؛ فلا نسلم استحالة إرادة ما علم الله أنه لا يقع على وفق الإرادة.
ولهذا فإن كل أحد يريد البقاء ألف سنة ، أو أكثر ، وإن علم بالقطع بقول نبى صادق مخبر (٥) عن الله أنه لا يبقى تلك المدة.
قولكم : ولأنه إما أن يقع مراده (٦) أو لا يقع. لم قلتم أنه يمتنع أن لا يقع؟
قولكم : يلزم منه أن يكون عاجزا قاصرا عن تحقيق مراده.
قلنا : متى يلزم منه القصور والعجز فيما هو من فعله ، إذا لم يقع وهو / مراد له أولى من فعله. الأول ؛ مسلم ؛ والثانى ؛ ممنوع.
ولهذا : فإن فى الشاهد من أراد القيام ، والقعود ، وما هو من أفعاله ، ولم يتمكن منه عد عاجزا. بخلاف من أراد من غيره القيام والقعود ، ولم يفعل ؛ فإنه لا يعد عاجزا. والّذي نسلم أنه لا يقع من مراد الله : إنما هو فعل غيره ، لا ما هو من فعل نفسه.
__________________
(١) سورة غافر ٤٠ / ٣١.
(٢) سورة آل عمران ٣ / ١٠٨.
(٣) سورة البقرة ٢ / ٢٠٥.
(٤) سورة الزمر ٣٩ / ٧.
(٥) فى ب (يخبر).
(٦) فى ب (مرادهما).